ضمن الجلسة نصف الشهرية التي تعقدها اللجنة الثقافية في دار الفاروق تم مناقشة ديوان «ما يشبه الرثاء» للشاعر الفلسطيني فراس حج محمد، والصادر عن دار طباق عام 2019. افتتح الجلسة الشاعر «عمار خليل» الذي رحب بالشاعر والحضور، مقدما رأيه في الديوان فقال: «في هذا الديوانِ ابتعد الشاعرُ عن انفعالاته إذْ كان مُتحكماً بنواصي الكلمات، حيث استخدم الدال عكس المدلول؛ لينحت صوراً شعرية جميلة، وأحيانا يجترها اجترارا، فأتعب نفسه وأتعبنا. قراءاتي لأدونيس وللريشة قليلة، ولكني أعرفها، فكأني بين يد النصوص والقصائد وجدت لون هؤلاء يرتديه شاعرنا فراس حج محمد، فمن الرمزية العالية والتلاعب بالدالات لاستيلاد مدلولات جديدة قد لا تخدم أطر الصور الجميلة، مما يدفع القارئ قصراً لإعادة القراءة والتأمل والتخيل».
تحدث الإعلامي همام الطوباسي قائلا: «ديوان ممتع وجميل، فيه عمق، وبعض القصائد بحاجة إلى أكثر من قراءة، الفكرة الإنسانية وأسلوب الشاعر تزيل التعب والقسوة من الديوان، هناك بعض الألفاظ الصعبة، لكن يبقى الديوان ممتعا».
قدم الشاعر مهند ضميدي مداخلة جاء فيها: « استوقفني العنوان حيث أن أي شي يشبه شيئا آخر لن يكون هو تحديدا، وبالتالي فإنه قريب جدا، فهنا كأنّنا في المحطات الأخيرة حيث أنه لم تمت الفكرة بعد ولكنها تحتضر، وربما ستنبئ بقدوم فكرة أخرى أخيرة ستكون هي الرثاء فعلا». معبرا في نهاية حديثه عن استمتاعه بالديوان وقصائده.
في قراءة طويلة للكاتب رائد الحوار وقف فيها عند الألفاظ وتعبيرها عن المضمون، مشيرا إلى حالة الحزن الوجودية وتناول مسألة الموت والمرأة، ووقف الكاتب الحواري خلال ذلك على نصوص متعددة من الديوان، مركزا على نصين هما «هكذا آتيكم» و»هذا الشتاء».
أضاف الأستاذ سامي مروح: بالنسبة لديوان «ما يشبه الرثاء»، هناك متعة حاضرة فيه، وعمق وتكثيف وكلمة جميلة وصور شعرية، وهناك توحد بين الشاعر والقصيدة، والعاطفة قوية وجياشة، كما نجد بعض القصائد تدعو للتفكير والتأمل فيها، وهذا التوازن بين العقل والعاطفة يخدم فكرة الصراع/ التناقض الكامنة في الديوان، وأشار أيضا إلى أن نصوص هذا الديوان تصلح للترجمة لما تعالجه من قضايا إنسانية تجريدية ليس لها ارتباط بعرق أو دين.
تناول الشاعر إسماعيل محمد فكرة رثاء النفس وحضورها في الديوان، مذكرا بقصائد الشعراء العرب قديما وحديثا ممن رثوا أنفسهم أمثال، عبد بن يغوث الحارثي، ومالك بن الريب، وأبو فراس الحمداني، وأمل دنقل، ومحمود درويش وهدى شعراوي، وأمجد ناصر.
أما الروائية خلود نزال فرأت خلال مداخلتها القصيرة أن الشاعر تركنا «معلقين بين الموت وشبه الحياة تاركا إيانا على جرح نازف نتشارك معه كل قطرة من وجع. فما يشبه الرثاء كما يشبه الموت أو ما يشبه الحياة، ففي الحالتين نحن بين واقع موجع ومجهول ليس أقل وجعا بعد أن أوصلنا إلى حالة من الاكتئاب والإحباط».
استعرضت القاصة فاطمة عبد الله المجموعة الشعرية التي وصفتها بأنها «وخزات وجدانية تندرج تحت تجربة الموت والحياة، العزلة والوحدة، وسياسية أشواكها وضع سياسي مأزوم وخزه الهزيمة والانهيار النفسي والإحباط، زاخرة بالرموز ولذلك فإنها ستكون مهدا للعديد من القراءات والدراسات».
أجاب الشاعر فراس حج محمد على ما جاء من مداخلات قائلا: «ارتبطت فكرة الموت منذ الوعي المبكر، بفكرة دمار العالم، فنحن نعيش في عالم خرب، فما الداعي للحياة؟ وهل الخلود ممكن؟ ألم يطرح جلجامش هذا السؤال؟ أعتقد أن كل كاتب إله، يبحث عن الخلود من خلال ما يكتبه، فالكتابة إحدى أشكال البحث عن عشبة الخلود».