استقبل الملايين من الجزائريين، أبطال ملحمة القاهرة، المتوجين بكأس أمم إفريقيا 2019، الثانية في تاريخ المنتخب الوطني، بعد عودتهم إلى أرض الوطن، ظهيرة السبت، مرصعين بالذهب حاملين الكأس الغالية التي انتظرها الشعب الجزائري طيلة 29 عاما، صانعين صورا من نسج الخيال ستبقى راسخة في أذهان كل جزائري وجزائرية، خاصة أشبال المهندس «جمال بلماضي» الذين أدركوا أكثر قيمة الإنجاز المحقق على أرض الكنانة.
عاش زملاء نجم نادي مانشيستر سيتي الإنجليزي وقائد الخضر «رياض محرز» أجواء خرافية منذ أن وطأت أقدامهم أرض الوطن بداية من الساعة 14:00 بعد الزوال، بمطار «هواري بومدين» الدولي، أين حظي المحاربون باستقبال النجوم في القاعة الشرفية الرسمية، لتبدأ رحلة ألف ميل على متن الحافلة المكشوفة التي خصصت للاحتفال على الطريقة الأوروبية بإنجاز الأفناك التاريخي الذين عادوا به من أرض الفراعنة في صورة ذكرت الجميع في الاحتفالات الصاخبة التي صنعها الشعب الجزائري مع اللاعبين بعد عودتهم إلى أرض الوطن من ملحمة أم درمان التي تأهل فيها المنتخب الوطني إلى نهائيات كأس العالم بجنوب إفريقيا 2010، في مباراة السد ضد المنتخب المصري والتي أعاد فيها رفقاء «عنتر يحيا» الخضر إلى المونديال بعد غياب دام 24 عاما.
انطلقت الحافلة المكشوفة للاعبي المنتخب الوطني من مطار هواري بومدين الدولي وكانت الوجهة الأولى نحو الطريق السريع رقم 05 مرورا بباب الزوار وحي الموز وبعده المحمدية لتصل الحافلة إلى ساحة أول ماي ومنه إلى غاية قصر الشعب بقلب العاصمة الجزائرية، وخلال مسار الطريق رافق الملايين من الأنصار حافلة المنتخب الوطني على الطريق السريع وأحياء العاصمة، صانعين أجواء مميزة تناقلتها كبرى صفحات مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية وتلفزيونات العالم، حيث تفاعل اللاعبون مع الأنصار بالرايات الوطنية ومختلف الألعاب النارية احتفالا بعودة الجزائر للتربع على عرش كرة القدم في القارة السمراء.
مسار حافلة الخضر من المطار إلى قصر الشعب لم يكن بالأمر الهين لا على سائقها ولا على قوات الأمن بعد أن غزت أمواج بشرية كل الشوارع، هؤلاء الذين أبوا إلا أن يحيوا محاربي الصحراء على هذا الإنجاز التاريخي لكرة القدم الجزائرية من صنع أقدام هذا الجيل الذهبي الذي قاد الخضر إلى الدور الثاني من نهائيات كأس العالم 2014 بالبرازيل، وتمكن من حصد «الكحلوشة» كما يحلو للشعب الجزائري تسميتها بعد سنوات عجاف مرت عليها كرة القدم في بلادنا.
أنصار الخضر خرجوا بالملايين موشحين بالعلم الوطني من شباب وعائلات بأكملها ومسنين صنعوا الحدث بخروجهم إلى الشوارع، فمنهم من أراد تهنئة «بلماضي» وأشباله عن قرب، ومنهم من صارع لنيل صورة «سيلفي» تذكارية التي طغت على المشهد وكانت سببا في اعتلاء الشباب أعلى النقاط متسلقين على الأشجار والأعمدة وأسطح العمارات والشاحنات، وهي الصور التي دامت بالعاصمة حتى بعد دخول رفقاء الصخرة «بلعمري» إلى قصر الشعب، حيث احتفلوا لساعات متأخرة، محولين هدوء العاصمة إلى صخب كبير من الهتاف والغناء، وحولوا الليل إلى نهار لليوم الثاني على التوالي.
للإشارة، صنع متوسط ميدان نادي غلاطا سراي التركي «سفيان فيغولي» ردود أفعال كبيرة في الجزائر والوطن العربي، بعدما رفع علم فلسطين بجانب الراية الوطنية خلال احتفالات تتويج الجزائر باللقب القاري، لتبقى فلسطين وقضيتها في قلب كل جزائري وجزائرية.