ما تزال مشاهد كارثة آلاف من الأسماك من نوع «الشبوط» الملقاة على حواف بحيرة أم غيلاز بواد تليلات عالقة بذهن كل من اطلع عليها جراء محاولة إنقاذ نفسها من التفاعلات البيئية الناجمة عن التلوث الخطير الذي يعصف بمياه هذه الجهة، جرّاء استقبالها لكميات هائلة من المواد السامة.
القول بأن هذه «الإبادة الجماعية» لهذه الثروة الغنية تعود إلى النقص في عوامل الأوكسجين لا يكفي أبدا كونه تفسيرا تقنيا محضا لا يقنع أحدا ممن وقفوا على ذلك الديكور المدهش قد يوثق في تقرير ويودع في رفوف الأرشيف كما اعتدنا على ذلك، لكن السؤال الذي يطرح على أعضاء اللجنة المكلفة بالتحقيق فيما حدث لماذا سجل ذلك التراجع في الأوكسجين؟.
لا ندخل في التفاصيل المتعلقة بالمسائل التقنية والعلمية، لأن ذلك يلهينا عن لب الموضوع، ألا وهو الأسباب الحقيقية لهلاك كل تلك الأسماك بهذا الشكل أي مرة واحدة وليس جزئيا وهروبها إلى الجوانب بحثا عن ملاذ يقيها مما لحق بها من أذى البشر.
الشرح المنطقي والمقبول، ذلك الذي صدر عن والي وهران السيد شريفي بحكم إطلاعه الواسع على الملف عندما أشار صراحة إلى مسؤولية المؤسسات وغيرها في إلقاء سوائلها مباشرة إلى البحيرة المعنية، ونعتقد بأن جوهر النقاش يجب أن يدور حول هذه النقطة بعيدا عن الأوكسجين وغيره.
وهذا ما يستدعي إعادة فتح ملف البيئة بوهران وفق مقاربات جديدة وبناء على تداعيات حادثة أم غيلاز حتى لا يتكرّر ما وقع في تلك الجهة، وهذا بتحميل أصحاب المؤسسات المتاخمة للبحيرة مسؤولية ما تلفظه من نفاياتها السائلة الملوثة للمياه.
اليوم إننا أمام حالة بيئية خطيرة جدا لا تتطلّب السكوت عنها انطلاقا من بديهية مفادها أن هناك 8 مناطق رطبة بوهران مهدّدة بالتلوث بالرغم من الأصوات المتعالية المحذّرة من تعرضها في أي لحظة إلى التلف. وفي هذا الإطار فإن بحيرة تيلامين المتواجدة بڤديل بلغ بها مستوى التلوث درجة مخيفة حقا، تأتيها المياه المستعملة من 5 بلديات وبواد تليلات تصبّ المياه بدون معالجة في المنطقة الرطبة ضاية أم غيلاز وما تلقيه بلديات بوتليليس، مسرغين، تجده في السبخة الكبرى لوهران، علما أن 4 مناطق رطبة مصنّفة في نظام «رامسار» وهي تيلامين، سبخة، وهران، المڤطع، ارزيو.
وتعمل ولاية وهران حاليا على إعداد مخطط بيئي توضيحي يتمّ بموجبه وضع تصوّر جديد للشريط المعني بالمناطق الرطبة وفق شروط صارمة تكون فيها المراقبة دورية لاستشراف التوقعات وتفادي الوقوع في مواقف أخرى.