سجل إنتاج الحليب بولاية سكيكدة، تقهقرا خلال سنة الماضية 2013، حيث لم تتحصل الولاية سوى على 126 مليون لتر من حليب البقر طوال أيام السنة، وبذلك تصل إلى معدلات غير مشجعة في فرع إنتاجي كان يفترض أن يكون رائدا بالمقارنة مع أصناف فلاحية لا تملك الولاية فيها مؤهلات وإمكانات مادية كبيرة.
ويبقى الاستهلاك معتمدا بشكل شبه كلي على الاستيراد الخارجي للمادة الأولية المستخدمة في مصنع الحليب بكل من ولايات سكيكدة، قسنطينة وعنابة، أي مسحوق الحليب، في وقت كان بإمكان القائمين على قطاع الفلاحة الارتقاء بالإنتاج منذ سنوات إلى معدلات مقبولة، على الأقل بإجراءات عملية وميدانية، في ظل توافر الولاية على العوامل الجغرافية والمادية والبشرية الكفيلة بتحقيق الاكتفاء الذاتي من الإنتاج.
وعرف الاستهلاك المحلي تطورا سريعا خلال السنوات الأخيرة، بحكم تزايد عدد السكان وبالنتيجة تزايد الطلب على هذه المادة، في حين بقي إنتاج الحليب يراوح مكانه، من ذلك أن ممارسة تربية الأبقار المنتجة للحليب تتم بطرق تقليدية وبدائية بعيدة عن الأساليب العصرية والإمكانات المتطورة تقنيا وعلميا، إذ تمارس التربية في اسطبلات هي عبارة عن أكواخ لا تتوافر فيها شروط التهوية. كما أن الممارسين يمتهنون هذه الحرفة من أجل كسب القوت لا غير، وبعدد من الأبقار لا يتعدى الأربع إلى خمس على أبعد تقدير، وفي مساحات زراعية محدودة، غالبيتها تابعة إما لأملاك الدولة أو الخواص يضعونها يكترونها للمربين.
ومن أبرز المشاكل التي يعاني منها المربون، عدم توفرهم على مراعٍ خاصة بهم، وليست لهم ملكيات زراعية يستخدمونها في إنتاج الكلإ الذي يشكل المادة الغذائية الأساسية للبقرة الحلوب، والذي بدونه لا يمكن أن يكون هناك إنتاج قوي وحقيقي للحليب، في الوقت الذي تتوافر ولاية سكيكدة على مساحات شاسعة من المراعي والمساحات الزراعية ذات الجودة العالية وذات الطاق الإنتاجية الكبيرة من الكلإ، إضافة إلى توفر المياه على مدار السنة.
في سياق آخر، تتواصل أزمة نقص مادة حليب الأكياس المبستر في الأسواق السكيكدية، وهذا في ظل تزايد الطلب عليه من قبل المواطنين، خاصة منهم ذوي الدخل الضعيف، الذين يشترون حليب الأكياس، نظرا لسعره المعقول المدعم والذي يتمشى ومستوى دخلهم. ويرجع سبب ذلك، بحسب عديد التجار، ممن التقت بهم «الشعب»، إلى الارتفاع الكبير في أسعار الحليب المجفّف بمختلف أصنافه وأنواعه. كما أن هناك من التجار من يخصص كميات الحليب إلا لزبائنه الدائمين في مثل هذه الظروف، ناهيك عن المحاباة والتمييز بين الزبائن في بيع هذه المادة الضرورية، وهو ما يلاحظ من خلال الطوابير المصطفة أمام المحلات. وقد دفعت هذه الوضعية بعض المواطنين إلى شراء علب الحليب المجفف، بالرغم من غلاء سعرها، الذي تجاوز 300دج للعلبة، وهو الأمر الذي برر من طرف بعض التجار بغلاء مسحوق الحليب في الأسواق العالمية، ما جعله ينعكس سلبا على السوق الجزائرية.