طباعة هذه الصفحة

أمام استمرار غلق حظيرة التسلية بجبل الوحش

المساحات الخضراء متنفـــــس العائلات القسنطينية

قسنطينة: مفيدة طريفي

تشهد قسنطينة رغم المقومات والمؤهلات التي تتمتع بها، نقصا فادحا في فضاءات الترفيه . وهي مناطق  تشكل  متنفسا مريحا للمواطن، والتي على رأسها الحظيرة السياحية بجبل الوحش الذي  لا يزال مهملا لم يرق لحل جذري.
جبل الوحش الوجهة الترفيهية المميزة من زمان لا زال مغلقا في وجه قاصديه رغم عمليات إعادة التهيئة التي لم تأت وفق طموحات المواطنين رغم ما يتمتع به من إمكانيات طبيعية ضخمة.

بحسب السكان لـ «الشعب» فإن عملية تهيئة الجبل أفضت الى مشكل آخر ممثل في غياب جهة مسيرة تتكفل بحماية هذا المرفق السياحي الكبير الذي يتوفر على مناظر طبيعية فريدة من نوعها، بدءا من البحيرة والثروة الغابية الهائلة التي تبقى مهملة ومغلقة في وجه ‘’قاصديها الطامعين في فتح هذا المرفق الطبيعي الترفيهي، إلا أن الجهود المبذولة تبقى دون نتائج فعلية تطبق على أرض الواقع .
النتيجة بقاء هذه الثروة الغابية التي تحتل في مجملها 500 هكتار ، تحتوي على محمية بيولوجية تتسع لـ 19 هكتارا تحيط بـ 04 بحيرات وأشجار نادرة من أصل أوروبي وأمريكي بالإضافة إلى حاجز مائي بمثابة بحيرة خامسة بعيدة عن الاستغلال.
بحسب السكان فإن كل المرافق المتواجدة بحديقة جبل الوحش، تعرضت للضياع والتخريب من طرف الغرباء، مثال على ذلك حديقة الألعاب التي تحتل ما مساحته 13.50 هكتار متوقفة عن العمل منذ سنوات، وحديقة الحيوانات التي أنشئت على مساحة 3 هكتارات تعرضت بدورها إلى التسيب، والكثير من الحيوانات ماتت والمتبقي منها على قيد الحياة تم تحويلها إلى حديقة تازة بجيجل.
لا تتوقف المشاكل عند هذا الحد، إضافة إلى هذا ،وجود سكنات وهياكل سكنية داخل الحديقة بطريقة فوضوية الأمر الذي يدعي الحيرة والتساؤل لأسباب تجعل مثل هذا المرفق الحيوي المنجز وفق مقاييس عالمية، يتعرض للتهميش وتعرف شتى أنواع الاستغلال السلبي والتدمير البيئي.
يتذكر من تحدثنا إليهم بمرارة كيف تم في أخر محاولة من طرف السلطات وتحديدا مديرية أملاك الدولة إعداد دراسة لإعادة الاعتبار لحظيرة جبل الوحش، إلا أن هذه الأخيرة لم يتم تفعيلها وأن آخر مستغل للحظيرة الذي كان ينحدر من ولاية سطيف لمدة زمنية فاقت السبع سنوات والذي كان من المفروض أن يقوم بفتح باب حظيرة التسلية والترفيه في وجه العائلات القسنطينية، إلا أن هذا المستثمر لم يتحلى بالجدية اللازمة بل تجرأ على تحويل التجهيزات التي كانت موجودة بالحظيرة نحو حظيرة أخرى بعاصمة الهضاب. كما ساهم الإهمال الكبير الذي طال مختلف المرافق التي أنجزت بها منذ أكثر من 20 سنة في تحويلها اليوم لوكر آمن لممارسة مختلف السلوكات المنحرفة، بدءا من الأفعال المخلة بالحياء والخمور وصولا لأشياء أخطر من هذه الآفات.     
«الشعب»، في زيارة تفقدية لهذه الحديقة المتميزة وقفت من خلالها على خطورة التجول وسط هذه التحفة الطبيعية وذلك لأسباب أمنية بحتة،حيث لاحظنا منذ أن وطأت أقدامنا بوابة حظيرة التسلية، تفاجأنا بوحشية المنطقة الكبيرة التي كانت في وقت مضى، مكانا مفضلا للعائلات القسنطينية ومحمية طبيعية يعيش وسطها أنذر الحيوانات والأشجار وحتى النباتات، لتتحول بفعل الإهمال وكذا القرارت العشوائية التي أصدرت من أجل تهيئتها وتحويلها إلى مرفق سياحي ومتنفس طبيعي لسكان المدينة التي تفتقد لمثل هذه الأماكن، إلى مجرد مساحة غابية كبيرة تنتشر عبرها شتى أنواع الجريمة والانحراف الأخلاقي، حيث تعذر علينا الوصول إلى أماكن طبيعية فريدة من نوعها بدءا من البحيرات التي تزيد من جمال المنطقة إلى مساحات خضراء تمتع الناظر كانت في وقت مضى مقصد العائلات ومتنفسهم .
العائلات تحول مساحة زواغي لمنتزه للتسلية والاستجمام في ظل النقص الفادح للمرافق الترفيهية تحولت ساحة زواغي سليمان، متنفسا ترفيهيا للعائلات القسنطينية التي لم تجد بديلا آخر لها، حيث تحولت الساحة العمومية الواقعة بالقرب من قاعة «الزينيث» لمتنزه أكثر ما يقال عنه انه مجرد مساحة خضراء تتضمن كراسي للجلوس وسط عشب اصطناعي وألعاب خاصة بالأطفال و نافورة مياه كبيرة ما جعلها وجهة للكثير من العائلات والشباب الذين يأتون من كل فج عميق .
تأتيها العائلات الوافدة من مناطق و بلديات مجاورة لقضاء سهرات ليلية ممتعة رفقة أحبائهم وأصدقائهم، للاستمتاع بتناول المثلجات و المشروبات إلى غاية ساعات متأخرة من الليل وسط أجواء مميزة يلاحظها الزائر من بعيد تميزها السيارات المركونة على طول الطريق. 
في ظل نقص وغياب مرافق الترفيه والأماكن المهيأة للراحة و الاستجمام، لم تجد العائلات سوى هذه الساحة خاصة مع الارتفاع المحسوس في درجات الحرارة حيث تجدهم يفضلون قضاء سهراتهم بتلك الساحة الواقعة بمدخل حي «سوناتيبا» بمنطقة زواغي والقريبة من مطار قسنطينة يفترشون أرضيتها ويستمتعون باحتساء القهوة و الشاي، المثلجات و الحلويات فيما يفضل آخرون القدوم مبكرا فور غروب الشمس و تناول العشاء رفقة العائلة في الهواء الطلق.
أكد أحد الأشخاص لـ «الشعب» انه  دائم الحضور بساحة زواغي التي تعد وجهته بعد انعدام مرافق مخصصة للتنزه والتسلية، مذكرا جمال ونظافة الساحة و ملائمتها للراحة، فهي حسبه ملائمة جدا لقضاء فترات من الراحة . كما أنها فضاء جيد للعب أطفاله بالألعاب المتواجدة هناك و بدراجاتهم الهوائية بشكل آمن دون الخوف عليهم من حوادث السيارات.
 من جهته، الشاب «م.ن» أحد المتواجدين في الساحة أخبرنا أنه قدم من بلدية الخروب حيث أضحت الساحة مكانه المفضل يمضي رفقة أصدقائه أحلى الأوقات والتمتع بالهواء المنعش، مضيفا بأن الجلوس بهذه الساحة له  طابع خاص و أجواؤها رائعة تزيدها بهوا تجمع العائلات وجمال نافورة المياه التي تتوسطها.
من جهته، نوه إبراهيم في تصريحه لنا بظاهرة قيام الكثير من الأطفال خاصة من المناطق المجاورة للسباحة داخل هذه النافورة في الفترات الصباحية حيث يجدها  الزوار مكتظة عن آخرها بسبب ذلك على الرغم من الأخطار التي تحدق بهم نتيجة أرضيتها الزلقة و الأنابيب المعدنية لضخ المياه و كذا خطر الصعق بالتيار الكهربائي الذي يستعمل في ضخ المياه.
غير بعيد عن هذا الديكور المميز لـ «صيف سيرتا 2019»،  لاحظنا تواجد عدد من الشباب يعزفون على آلة القيتارة ومجموعة أخرى تتبادل أطراف الحديث بجوار العائلات في أجواء رائعة دون حدوث أي مشاكل أو مشاحنات وهو ما يؤكد على توفر عنصر الأمن حيث لم يسجل أي اعتداء  في المكان الذي أعطى صورة دقيقة عن هدوء وجهات قسنطينة الترفيهية التي وان تحسب على الأصابع وجدت فيها العائلات فضاء للتنفس والترفيه.
الفضاءات الموجودة التي زرناها عن قصد لرصد يوميات القسنطيني في صيف حار أكثر من اللزوم تعرض خدماتها وتحرص أن تكون في مستوى الحدث. تتوفر هذه  الأماكن على كشك لبيع المثلجات والمشروبات ناهيك عن باعة يعرضون الشاي و الفول السوداني و الذرة، التي يتهافت عليها الزوار فضلا عن سيارات كهربائية خاصة بالأطفال و ألعاب أخرى بأسعار مقبولة . هذه الميزة جعل الساحة التي استمتعنا ببعض الوقت عند زيارتها ، الأكثر شهرة و إقبالا للعائلات و الشباب طيلة فترات الصيف لقضاء أيام حلوة وسط دفء العائلة بعد سنة من الكد والتعب وقبل الدخول الاجتماعي.