تشير النتائج المسجلة خلال السنوات الـ3 الأخيرة، إلى تحسن في آداء المنظومة الاقتصادية سواء من منظور ترقية الشغل المأجور أو في مجال دعم استحداث النشاطات، وهي نتائج حققت بفضل تجنيد امكانيات بشرية ومالية معتبرة، تم تدعيمها جراء تحسن المحيط الاقتصادي من خلال نتائج تطور زيادة الاستثمارات العمومية والخاصة تحتل الأولوية في برنامج رئيس الجمهورية، السيد عبد العزيز بوتفليقة.
وتعرف السنة الحالية وضع حيز التنفيذ، جهازا جديدا لدعم الشغل المأجور، بغية تعويض الجهاز الحالي للمساعدة على الإدماج المهني، حيث سيتم توجيهه اساسا إلى القطاع الاقتصادي العام والخاص لتوحيد عقود الإدماج، وعقد العمل المدعم من أجل الوصول إلى عقد واحد للعمل يطلق عليه «عقد العمل الأول للشباب» على أن يكون متطابقا مع تشريعات العمل ومأجورا على أساس أجر المنصب مع تغطية اجتماعية موسعة لتحسب بذلك في سنوات التقاعد، عكس عقود ما قبل التشغيل.
وتمنح الأولوية في التوظيف بالمناصب الشاغرة في الهيئات والإدارات العمومية المقدرة بحوالي 140 ألف منصب للشباب المدمجين على مستوى الإدارات في إطار جهاز المساعدة على الإدماج المهني، مع الشروع في إدخال المزيد من المرونة والتسهيلات في الإجراءات المتعلقة بالوساطة في سوق العمل بغية تحسين آجال الاستجابة لعروض التشغيل التي يقدمها المستخدمون ورفع معدل تنصيب طالبي الشغل مع الحرص على الالتزام بالإطار القانوني الذي ينظم تسيير وتنظيم سوق الشغل.
وتوصي الجهات المعنية بقطاع الشغل بالعديد من الإجراءات التي تتصدرها تعميم صيغة البحث النشط عن الشغل إلى كامل التراب الوطني باستثناء ولايات الجنوب التي وضع فيها جهاز خاص لهذا الغرض طبقا لتعليمة الوزير الأول، عبد المالك سلال، المستمدة من توجيهات رئيس الجمهورية. هذا إلى جانب تقليص آجال الإجابة من طرف الوكالة الوطنية للتشغيل بحيث تنتقل من 21 يوما إلى 72 ساعة على أقصى تقدير وتعزيز الشفافية بفضل الإعلان الواسع عن عروض العمل والتنصيبات المنجزة وطلبات الشغل، تقليص فترة تجديد الحضور الشخصي لدى مصالح الوكالة بغية إعادة التسجيل ليصبح 6 أشهر بدل 3 اشهر، تكثيف الرقابة واتخاذ التدابير القانونية في حق المخألف ات لتشريع العمل، لاسيما الشغل غير المصرح به.
وبلغة الأرقام، عند «تحليل سوق العمل بالجزائر» خلال سنة 2013، نجد أن القطاع الخاص الممول الأساسي لسوق التشغيل بنسبة 58.8 بالمئة من إجمالي مناصب الشغل المستحدثة في ذات السنة، حسب الديوان الوطني للإحصائيات، كما أن 71 بالمئة من التنصيبات المحققة من طرف الوكالة الوطنية للتشغيل تمت في القطاع الخاص، اضافة إلى أن سوق التشغيل يهيمن عليه «طلب الشغل» من طرف الشباب أقل من 30 سنة والذين يمثلون 56 بالمئة من مجموع طالبي العمل.
أما بنية التشغيل حسب نشاطات القطاع، فيهيمن عليها قطاع التجارة والخدمات بنسبة 59.8 بالمائة من مجموع النشطين، متبوعا بقطاع البناء والأشغال العمومية بنسبة16.6 بالمائة ثم الصناعة بـ13 بالمائة وأخيرا ألف لاحة بـ10.6 بالمائة.
وفي هذا الإطار، فإن رؤية السلطات العمومية لمعالجة مسألة التشغيل والبطالة، ترتكز على مقاربة اقتصادية من خلال آليات تسمح باستحداث عدد من مناصب الشغل، بما يحافظ على اتجاه منحنى البطالة نحو الانخفاض الملاحظ منذ سنة 2000، وذلك مع المحافظة على مناصب الشغل الموجودة.
في سياق مواصلة الإجراءات التي تم وضعها في إطار مخطط العمل لسنة 2008، اتخذت الحكومة عام 2011 قرارات هامة ترمي إلى تحفيز إنشاء مناصب الشغل وتشجيع التوظيف، لا سيما للشباب طالبي الشغل لأول مرة، ليتم استكمال هذه الاجراءات سنة 2013 من خلال تعليمة الوزير الأول، عبد المالك سلال، رقم 01 بتاريخ 11 مارس والمتعلقة بتسيير الشغل في ولايات الجنوب بواسطة آلية لإعادة بعث التشغيل، خاصة بهذه الولايات ليتم توسيعها لاحقا إلى ولايات الهضاب العليا.
وفي إطار تشجيع روح المبادرة المقاولاتية لدى الشباب، تم تخفيض ألف وائد البنكية على القروض بنسبة 100 بالمائة على المستوى الوطني بداية جويلية 2013، كما سمحت جهود السلطات العمومية بعكس اتجاه منحنى البطالة نحو الانخفاض، حيث انتقل من 29.7 بالمئة سنة 2000 إلى 9.8 بالمئة في 2013، بينما انخفضت نسبة البطالة لدى شريحة الشباب في ألف ئة العمرية»16-24 سنة» من 54.7 بالمئة سنة 2000 إلى 15.2 بالمئة سنة 2012 لتصل إلى 14.3 بالمئة في 2013.
وعن عدد التنصيبات التي تم اجراؤها في القطاع الاقتصادي خلال سنة 2013 في إطار الوساطة في سوق العمل، بلغ 318 ألف و497 تنصيب منها أكثر من 260 ألف من طرف مصالح الوكالة الوطنية للتشغيل»من بينها 35 ألف و360 بالجنوب» وأكثر من 49 ألف تمت في إطار عقود العمل المدعمة، وحوالي 9 الاف و300 تنصيب من طرف الوكالات الخاصة المعتمدة.
وحسب آخر تصريحات المسؤول الأول عن القطاع، محمد بن مرادي، فقد تم تمويل 64 ألف و451 مؤسسة مصغرة ستسمح بخلق 138 ألف منصب شغل إلى جانب إدماج 139 ألف شاب طالب الشغل لأول مرة في إطار جهاز المساعدة على الإدماج المهني منهم 82 بالمئة في القطاع الاقتصادي، وإدراج توقعات التوظيف من طرف مصالح الوظيفة العمومية والتوظيفات التي تمت خارج إطار التشريع المعمول به المسجلة من طرف مصالح المفتشية العامة للعمل، مع استحداث اكثر من 675 ألف منصب شغل خلال السنة المنصرمة.
ومن منظور مغاير، ينبغي الحرص بشكل خاص على تحسين وتكييف مهارات اليد العاملة المحلية من خلال التنسيق بشكل وثيق والتبادل المستمر للمعلومات مع مؤسسات التكوين المهني المتواجدة عبر ولايات الوطن، قصد توجيه برامج التكوين نحو المهن المطلوبة في سوق العمل، ومن طرف المؤسسات الاقتصادية بالعدد والنوعية المنتظرة، ويتوجب ـ أيضا ـ إشراك المؤسسات الأجنبية التي تعمل على انجاز مشاريع على مستوى كل ولاية للمساهمة في تكوين اليد العاملة المحلية، لا سيما المهن التي تعرف نقصا في سوق العمل أو تلك التي يلاحظ فيها اللجوء المتكرر لليد العاملة الأجنبية.
ولذات الغرض ينبغي ضمان المتابعة المستمرة للمؤسسات التي استفادت من الموافقة المبدئية لتوظيف اليد العاملة الأجنبية، بهدف حملها على احترام التزاماتها فيما تعلق بتوظيف وتكوين اليد العاملة الوطنية.