طوت، أمس، المركزية النقابية والعمال الجزائريين، صفحة قيادة عبد المجيد سيدي السعيد لأكبر تنظيم عمالي في الجزائر، على مدار حوالي عقدين من الزمن تراجع الاتحاد العام للعمال الجزائريين الذي كان رمزا للعمل النقابي والدفاع عن حقوق ومكتسبات العمال، إلى درجة غيابه تماما في الساحة تاركا المجال أمام نقابات مستقلة دافعت بشراسة عن العمال.
يغادر عبد المجيد سيدي السعيد الذي تمسك بمنصبه على رأس المركزية النقابية إلى آخر لحظة، رغم الاحتجاجات العارمة والمعارضة التي برزت قبل عدة سنوات، احتجاجا على تراجع العمل النقابي والاتحاد، ما أدى إلى تراجع كبير في عدد المنخرطين الذين فضلوا الانخراط في تنظيمات نقابية أخرى رغم أنها لم تكن معتمدة آنذاك، لا لشيء إلا أنها باتت لسان حال العامل وتمكنت من افتكاك مكتسبات تحسب لها، كانت أبرزها في قطاعي الصحة والتربية.
أين الاتحاد العام للعمال الجزائريين الذي لم يعرف العامل الجزائري قبل عقدين تنظيما غيره يمثله ويتولى مهمة الدفاع عنه اليوم، لماذا تراجع وما سبب تجميد أغلب الفدراليات، ولماذا لم يعد العامل الجزائري يعول عليه في الدفاع عن مكاسبه وافتكاك حقوقه؟ ولماذا حلت محله نقابات مستقلة تمكنت من فرض وجودها بفضل عملها النقابي المستميت، رغم أنها لم تشارك في الحوار الرسمي ممثلا في الثلاثية إلى غاية اليوم؟ كلها أسئلة تطرح بحدة في الوقت الذي يغادر فيه سيدي السعيد.
وإذا كانت صفحة الأمين العام السابق قد تم طيها، بعد إعلانه عدم ترشحه أمر كان متوقعا ومنتظرا في ظل عدم وجود خيار آخر أمامه، إلا أن المرحلة المقبلة ستكون ثقيلة بإرث لن يكون من السهل تصفيته، لكن الأمر الأكيد أن أبرز رهان وتحد أمام الأمين العام الجديد، استرجاع ثقة العمال وبريق النضال النقابي باعتباره أسمى شكل من أشكال العمل النقابي. المرحلة المقبلة ستكون صعبة اقتصاديا، لاسيما وأن الخبراء في الاقتصاد أكدوا أن تراجع الموارد وكذا النشاط الاقتصادي إلى قرابة 50٪ بسبب الأزمة الحالية، ولذلك تستلزم نقابيا قويا على رأس المركزية النقابية يقع عليه الإجماع، يكون جديرا بثقة الطبقة الشغيلة، يرفع الجمود عن الاتحاد العام للعمال الجزائريين، ويجعل منه شريكا قويا.