أولوية الغرفة جلب الاستثمار الأجنبي
«على غرفة التجارة والصناعة إعداد عقود نموذجية، معدة مسبقا ومتاحة للأعوان الاقتصاديين، بغرض توفير الوقت والنفقات، من خلال تقليص مدة المفاوضات وتيسيرها، على غرار ما هو معمول به على مستوى غرفة التجارة الدولية».
تتمتّع الغرفة الوطنية للتجارة والصناعة بمكانة إستراتيجية، باعتبارها طرفا فاعلا في الشراكة والاستثمار، غير أنه تواجهها حاليا تحديات عدّة، مما يستوجب عليها بداية التواصل مع الغرف بالولايات، مع إبراز مقومات الاستثمار بكل ولاية، بغرض ترقية الاستثمار المحلي. كما ينبغي تثمين وإلزامية استفادتها من دور الواجهة الذي تلعبه أمام الأسواق الخارجية، وأيضا من خلال غرف التجارة المختلطة الجزائرية الأجنبية، بغرض المساهمة في جلب الاستثمار الأجنبي، عن طريق الاحتكاك وفي مرحلة أولى بالبلدان الإفريقية، وبحكم الجوار، من خلال التنسيق مع القائمين على الدبلوماسية الاقتصادية .
من مهام الغرفة، نجدتزويد المستثمرين الجزائريين والأجانب بكل المعلومات والمعطيات التي يطلبونها. بالإضافة إلى استغلال وصيانة منظومة التكنولوجيات الحديثة الإعلام والاتصال المخصصة لنظام المعلومة الاقتصادية وشبكة الأنترانت الرابطة بين الغرفة الجزائرية للتجارة والصناعة وغرف التجارة والصناعة الأخرى. وأيضا توفير تطبيقات ووسائل تقنية بغرض جمع ومعالجة ونشر المعلومة الاقتصادية. إلا أن هذا التزويد لا يجب أن يتم بطريقة أوتوماتيكية، أي دون اصطحابه بآليات تساهم في التقرب من المتعاملين الاقتصاديين عن طريق التوعية والإعلام، لأن العديد من الفاعلين في المجال الاقتصادي ينشطون بدون ثقافة قانونية. وهو ما يؤدي غالبا إلى الممارسة العشوائية في السوق، ومنه تجاوز الحدود المسطرة وإلى غاية احتمال القيام بأفعال تصنف في خانة الجرائم أحيانا بدون أدنى وعي.
وفي نفس الإطار التوعوي والتنظيمي للغرفة، فإن العقود المبرمة بين المتعاملين الاقتصاديين غالبا ما تشهد تفاوتا في المراكز القانونية تتبعه مشكلة تحديد النظام القانوني الواجب التطبيق على العقد، بحيث يستعصي تسويتها تسوية حاسمة وقطعية، باعتبار أنها تطرح الاشكال المتعلق بالقانون المختص في حل النزاع. وحتى نكون أمام تلائم بين العقود المبرمة وتطور الحياة الاقتصادية، وتلافي الاختلاف بين النصوص أحيانا، فإنه أصبح من الضروري على غرفة التجارة والصناعة إعداد عقود نموذجية، معدة مسبقا ومتاحة للأعوان الاقتصاديين، بغرض توفير الوقت والنفقات ، من خلال تقليص مدة المفاوضات وتيسيرها .وذلك على غرار ما هو معمول به على مستوى غرفة التجارة الدولية .
ومع امكانية نشوب النزاع نتيجة ابرام هذه العقود، فإن الغرفة الجزائرية للتجارة والصناعة تعتمد نظام التحكيم التجاري، حيث أن القواعد الخاصة بالتحكيم، سارية المفعول منذ جانفي 2014. ويلجأ الأطراف إلى التحكيم إما بموجب شرط التحكيم يدرجونه في العقد الذي يبرمونه، أي قبل نشوب النزاع، وإما بموجب اتفاق التحكيم -مشارطة التحكيم- يبرمونه بعد نشوب النزاع، حيث اشترطت القواعد سالفة الذكر في المحكّم أن يكون مؤهلا للقيام بمهامه.
ومن الواضح أنه من خلال حرفية النص، فإن الشرط يتمثل في التأهيل، في حين أنه من الناحية الواقعية والعملية لا يمكن المساواة بين التحكيم المنجز من طرف محكّم مؤهل والتحكيم المنجز من طرف محكم خبير، خصوصا وأن جلّ النصوص المقارنة المتعلقة بالتحكيم تشترط الخبرة في المحكم، باعتبار أنه من بين أسباب لجوء الأطراف للتحكيم هو الاستفادة من مهنية وخبرة المحكم في المسائل التقنية، وبالتالي إلزامية تجاوز شرط مجرد التأهيل إلى شرط الخبرة .
وسواء تعلق الأمر بالتحكيم أم بالغرفة عموما، فإن هذه الأخيرة أمام حتمية ترسيخ الثقافة القانونية في مختلف الميادين المتعلقة بالتجارة والصناعة، حيث أنه لا يجب التركيز على تنظيم الهيئات والأجهزة بداخلها، أي الإطار الشكلي فقط ، مع إهمال أو تجاهل الإطار القانوني، وذلك حتى لا تنقلب الغرفة إلى مجرد هيكلة.