يلوموني إذا ما لمتُ نفسي
بأنّ البُعدَ يظلمُهُ التداني..
فقدْ جرّبتُ قُربَك بعدَ نأيٍّ
فأسقمني وبعثرَ لي كياني..
فتخشينَ الحديثَ لأنّ جمعاً
يراقبُ، ينثني بينَ المعاني..
فيعلو بينهم غزلٌ شفيفٌ
ويدعونَ القوافي للرّهانِ..
وأنتِ بمعزلٍ عن كلّ قولٍ
ووحدَكِ تعلمينَ بما أعاني..
تديرين الحديثَ بكلّ لطفٍ
ليأفلَ صوتُهُم قبلَ الأوانِ..
بفيضِ حصافةٍ ونبوغِ فكرٍ
تطيلينَ التصبّرَ والتفاني..
أظلُّ وحسرتي تقتاتُ دمعي
وشوقي فاضحي شمسَ العيانِ..
إذا صوتي شدا كنتِ اتّقاداً
فتُخفينَ اشتياقاً في الجَنانِ..
فيغدو قربُنا كدخولِ حربٍ
ونخشى من سنانٍ أو طعانِ..
ونخشى من أمورٍ تبتلينا
فنسلو، كي نتوهَ بأيّ شانِ..
ولا نعطي الى واشٍ سبيلاً
ولا نكبو بزلّاتِ اللسانِ..
فإنّ البُعدَ أجملُ في عيوني
فيحيي خاطري، ألقي، بياني..
فأحيا عاشقاً وَلِهاً غيوراً
وأشعرُ أنّ قلبَكِ قدْ حواني..
فتُسعِدُ مهجتي ذكرى ونجوى
وتُذكيني الصّبابةُ والأماني..
لأنّ الحُبَّ أنقى في بعادٍ
وأطهرُ من ملائكةِ الجِنانِ..