حافظ المتظاهرون بالعاصمة وولايات أخرى يوم الجمعة، على تقليد دأبوا عليه منذ قرابة أربعة أشهر، حيث خرجوا في مسيرات سلمية ثمنوا خلالها القرارات التي أصدرتها العدالة في حق مسؤولين سامين في الدولة متهمين بالفساد ومسجلين رفضهم القاطع للحوار مع كل من له صلة بالنظام.
ففي الجمعة الـ 17 على التوالي منذ 22 فيفري الماضي، ضرب المتظاهرون لأنفسهم موعدا قارا مع ساحات و شوارع العاصمة، حيث جابوا المساحات المحيطة بالبريد المركزي كما انتشروا عبر شارعي العقيد عميروش و زيغود يوسف و نهج باستور و كذا ساحة موريس أودان. وحملوا شعارات أعربوا فبها عن ابتهاجهم بقرار إيداع كل من الوزيرين الأولين السابقين عبد المالك سلال و أحمد أويحيى و وزير الأشغال العمومية و التجارة الأسبق عمارة بن يونس الحبس المؤقت لتورطهم في قضايا فساد، علاوة على الوزير السابق للنقل و الأشغال العمومية عبد الغني زعلان الذي وضع تحت الرقابة القضائية.
فمن خلال لافتات كتب عليها "العدالة النزيهة = عصابة مسجونة ...شكرا" و "سجن الحراش، مرحبا بكم" و غيرها، حيا المتظاهرون إيداع من أسموهم بـ"رؤوس الفساد" السجن، مطالبين في نفس الوقت بإخضاع الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة للمحاكمة.
فتحت أشعة الشمس الحارقة، واصل المتظاهرون مسيراتهم مشددين على عدم الاكتفاء بمعاقبة "خائني الشعب" بل العمل على استرجاع الأموال المنهوبة .
ويتواصل الحراك الشعبي و تتواصل معه مختلف المظاهر التي تؤكد سلمية هذه المسيرات و تعكس قيم التضامن بشتى أبعاده.
فأمام موجة الحر التي ميزت نهاية هذا الأسبوع، تولى العديد من الشباب توزيع قارورات المياه على المتظاهرين، فيما فضل البعض الآخر تقاسم وجبة غداء يوم الجمعة -التي تكون في العادة طبقا تقليديا- معهم.
كما تم أيضا لمس نفس السلمية التي طبعت المظاهرات الشعبية منذ انطلاقها، حيث أضحت السمة المميزة لها.
ومع اقتراب الخامسة مساء و شروع جموع المتظاهرين في إخلاء أماكن تجمعاتهم، بدأت مجموعات من الشباب في رفع المخلفات، تجسيدا لحس مدني رفيع مستمر منذ انطلاق الاحتجاجات.