كشفت مديرية المصالح الفلاحية عن تحقيق إنتاج حوالي 600 الف قنطار من الحمضيات للموسم الفلاحي الجاري، وأرجعت ذات المصالح سبب هذه الوفرة «للظروف المناخية المناسبة، وتوفر وسائل الانتاج، إضافة إلى التحكم في المسار التقني من قبل الفلاحين»، وتشتهر حمضيات سكيكدة بنوعيتها وكميتها خاصة ببلديات الحدائق، صالح بوالشعور ورمضان جمال منها «الكليمونتين»، التي كانت في سنوات الثمانينيات تصدّر لفرنسا انطلاقا من ميناء الولاية.
وبلغ إنتاج الحمضيات بسكيكدة أكثر من 589000 قنطارا، بمختلف أنواعها التي تصل الى 16 نوعا، خلال الموسم الفلاحي الجاري، في حين وصل مردود الهكتار إلى 227 قنطارا، على مساحة تصل الى 2599 هكتار، وأوضح رابح مسيخ إطار بمديرية المصالح الفلاحية لـ «الشعب»، بأن الولاية تضم مساحة كلية تقدر بـ 3147.75 هكتار، في حين أن المساحة المنتجة للحمضيات تقدر بـ 2599.25 هكتار، كما أنّ هذه الشعبة عرفت تطورا كبيرا خلال العشر سنوات الأخيرة، وذلك بنسبة تزيد عن 20 بالمائة من حيث المساحة المغروسة، و15 بالمائة من حيث المساحة المنتجة، كما أنّ الإنتاج قفز بنسبة 100 بالمائة مقارنة بالسنوات الأخيرة، نفس الامر يتعلق بالمردود الذي وصل الى 227 بالمائة.
ويتوزّع إنتاج الحمضيات على عدة مناطق بعدما كانت محصورة في سهل الصفصاف، بالحدائق، صالح بوالشعور ورمضان جمال، لتتوسّع إلى مختلف بلديات الولاية، على غرار الجهة الشرقية من الولاية، خصوصا بعين شرار وبكوش لخضر، وفي الجهة الغربية من الولاية بتمالوس وكركرة، ويعود سبب الإنتاج الوفير لهذه الفواكه إلى السياسة المتبعة في ترقيه هذا النوع من النشاط، إضافة إلى تحكم الفلاحين في المسار التقني لتحسين قدراتهم المهنية بفعل الأيام التكوينية والتحسيسية، وكذا الدعم المالي من خلال برنامج الدعم الفلاحي خاصة ما تعلق بالمراقبة والعتاد المتطور الذي حصل عليه فلاحو المنطقة، وأشار ذات المسؤول أنّ «ارتفاع المردود راجع الى استبدال الأشجار المثمرة بأخرى ممّا ساهم في ارتفاع سقف الإنتاج»، واضاف ذات المسؤول «وزيادة مساحة زراعة الحمضيات بـ 100 هكتار اضافية دحلت مرحلة الانتاج خلال هذا الموسم»، ناهيك عن توفر الامطار في الوقت المناسب، وعلى فترات هامة، ووسائل ومواد الانتاج.
وحسب نفس المصدر، فإن عملية تجديد أشجار البرتقال جارية من طرف المستثمرين بالتنسيق مع المصالح الفلاحية، وهذا من شأنه أن يساهم في تطوير هذه الشعب الفلاحية، وتتحول الولاية إلى منتجة لأنواع مختلفة من الحمضيات ويأتي في مقدمتها الكليمونتين، واشنطن، سونقيل، دوبلفين محسنة، برتقال محلي فالنسيا، لافارنيا، بالإضافة إلى المندرين، الكليمنتين بدون نواة وغيرها.
وتتوقّع المصالح الفلاحية تزايد نسبة الإنتاج خلال المواسم المقبلة، بسبب تزايد اهتمام الفلاحين بهذه الزراعة وتوسع زراعتها إلى بلديات ومناطق جديدة، ولم تعد زراعتها تحتكر على المناطق المشهورة، وتزايد الاهتمام بهذه الزراعة حسب نفس المتحدث، «لاعتبارات وعوامل مختلفة، يأتي في مقدمتها ملاءمة المناخ لهذا النوع من الزراعة ووفرة الموارد المائية «.
من جهة أخرى، تأسّف منتجو الحمضيات بالولاية لانعدام مصانع تحويلية بالمنطقة الذي خلق مشاكل كبيرة لهم خاصة بعد توقف نشاط مصنع «سيجيكو» لإنتاج العصائر والوحيد بالولاية الكائن برمضان جمال، الذي كان الضامن الوحيد لتسويق المنتوج ويساهم أيضا في خلق روح التنافس بين المنتجين، لكن بعد غلقه تفاقمت الوضعية أكثر، وهناك من الفلاحين من تعذّر عليهم تسويق منتوجهم في ظل وفرته، كما أبدوا «استعدادا كبيرا لإنجاز مشاريع استثمارية في هذا المجال نظرا لما لها من أهمية كبيرة من الناحية الاقتصادية، وأيضا لكونها قادرة على إعادة بعث حركية تجارية واقتصادية ليس فقط على مستوى الولاية وإنما على مستوى الجهة الشرقية للوطن»، كما أنّ مثل هذه المشاريع الهامة ستساهم في خلق مناصب شغل للبطالين، إضافة إلى انشغال آخر طرحه المنتجون يتمثل في نقص غرف التبريد بالمنطقة.
ومن المشاكل التي أصبح يواجهها الفلاحون في السنوات الأخيرة نقص اليد العاملة لجني الحمضيات، مع العزوف الكبير للشباب على هذه المهن، وذكر لنا أحد المنتجين لهذه الشعبة الفلاحية، بأنّ أغلب العمال في حقول البساتين هم من كبار السن أو أبناء الفلاحين، في حين فئة الشباب خاصة من سكان المناطق الحضرية وشبه الحضرية يعزفون عن العمل في الفلاحة بما فيها حقول الحمضيات، رغم أن العامل يتلقى أجرة يومية تتراوح ما بين 1000 و1500 دينار، ويرجع أغلب المنتجين الذين تحدّثنا إليهم غلاء أسعار الليمون الذي وصل سعره الى 300 دج، بالأسواق المحلية بالدرجة الأولى إلى المضاربين والوسطاء في مختلف المراحل انطلاقا من الجني، حيث بمجرد ما يصل المنتوج إلى أسواق التجزئة حتى يبلغ سعره أضعاف بيعه من قبل الفلاحين ثلاث أو أربع مرات، إضافة إلى أن الكميات المنتجة لا تكفي احتياجات المواطنين المتزايدة.