كشفت النتائج الأولية لانتخابات البرلمان الأوروبي عن تناغم المزاج السياسي الداخلي بكل بلد مع هوية نوابه الذين انتخبهم لتمثيله ببرلمان القارة، مع بعض الاستثناءات في فرنسا واليونان.
وانطلقت انتخابات البرلمان الأوروبي الخميس في كل من بريطانيا وهولندا وانتهت الأحد في باقي الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.
وأسفرت هذه الانتخابات في بريطانيا عن تقدم حزب «بريكست» الوليد على حساب المحافظين، وصعود تيار الخضر في ألمانيا، حيث حقق أنصار البيئة تقدما ملحوظا وحلوا في المرتبة الثانية وراء معسكر أنغيلا ميركل، الذي سجل أسوأ نتيجة له مقارنة بالانتخابات السابقة.
حكومة ميركل في موقع هشّ
تجد حكومة أنغيلا ميركل نفسها في حالة عدم يقين غير مسبوقة بعد الانتخابات الأوروبية التي شكلت نتائجها صفعة ليس فقط للمحافظين بل أيضاً لحلفاء المستشارة الاشتراكيين الديمقراطيين، ما يزيد من الشكوك بشأن إمكانية بقائها حتى نهاية ولايتها.
وبدأت أمس الأحزاب الثلاثة التي شكّلت الائتلاف الحاكم العام الماضي باستخراج دروس الاستحقاق الأوروبي، في مناخ من الأزمة.
وتضاعفت الخلافات وسط هذا الائتلاف بقيادة ميركل التي اقتربت من نهاية مسيرتها السياسية منذ تشكيله قبل عام.
واعترف رئيس الحزب المحافظ «الاتحاد المسيحي البافاري» ماركوس سودير، حليف ميركل، بأن «الائتلاف الكبير لم يحقق نتيجة جيدة».
ويضمّ الائتلاف الكبير الحاكم في ألمانيا حزب «الاتحاد المسيحي البافاري» وحزب المستشارة «الاتحاد المسيحي الديموقراطي» و»الحزب الاشتراكي الديموقراطي» الألماني.
فوز حزب بريكست يعزز الخروج بلا اتفاق
وتصدر حزب «بريكست» نتائج انتخابات البرلمان الأوروبي في بريطانيا، بينما حل ثانيا حزب الديمقراطيين الأحرار، المؤيد للبقاء في الاتحاد الأوروبي.
و يعزز تصدّر حزب البريكست بزعامة نايجل فاراج للانتخابات الأوروبية في بريطانيا احتمال خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي بلا اتفاق.
وعاقب الناخبون بشدة حزب المحافظين بزعامة رئيسة الوزراء تيريزا ماي الذي تراجع إلى المرتبة الخامسة بعد فرز أكثر من نصف الأصوات، كما تكبج حزب العمال خسارة فادحة.
وكانت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي اضطرت لتنظيم هذا الاقتراع على عجل قبل أن تعلن الجمعة استقالتها في السابع من جوان .
ماكرون يتراجع
في فرنسا فاز اليمين المتطرف، حيث تقدم حزب الجبهة الوطنية اليميني بزعامة مارين لوبان على تحالف الوسط بزعامة الرئيس إيمانويل ماكرون.
و في السياق ، استبعد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، تغيير التوجه في سياسته برغم أنّ رئيس الوزراء نادى بسياسة أكثر إنسانية، في المقابل تحدّثت مارين لوبن، رئيسة التجمّع الوطني، عن خذلان ديمقراطي للسلطة.
وعقب ظهور التقديرات الأولى للنتائج مساء الأحد، تحدث محيط الرئيس الفرنسي عن أنّه يعتزم تعزيز الجزء الثاني من ولايته ولن يعمد إلى تغيير التوجه.
ويواجه الرئيس الفرنسي وحكومته تمردًا اجتماعيًا ضدّ السياسة المالية والاجتماعية منذ منتصف شهر نوفمبر، عبر حراك يواصل التعبير عن نفسه من خلال تظاهرات -بأعداد أقل- كل يوم سبت.
في اليونان انتخابات مبكرة بعد الانتكاسة
أما في اليونان، فمني رئيس الوزراء اليوناني ألكسيس تسيبراس بانتكاسة كبيرة، فيما تصدر حزب الرابطة وحركة خمس نجوم النتائج بحسب الاستطلاعات.
و قد أعلن تسيبراس، الأحد، أنه سيدعو إلى انتخابات مبكرة الشهر المقبل .
ومن المرجّح وفق تقارير إعلامية أن تجري الانتخابات المبكرة في 30 جوان .
هذا وتصدر حزب العمال الاشتراكي الإسباني الانتخابات ، وحصل على 20 مقعدا من أصل 54 لإسبانيا في البرلمان الأوروبي، بعد فرز نحو 95 في المئة من أصوات الناخبين.
اليمين في الصدارة بإيطاليا
وحقق حزب اليمين في إيطاليا، نسبة تتراوح بين 27 و31 في المئة من الأصوات، وفقا لاستطلاع للرأي بعد إغلاق صناديق الاقتراع.
وفي النمسا، حل الحزب المحافظ برئاسة المستشار سيباستيان كورتز في الطليعة، متقدما على الاشتراكيين الديمقراطيين وحزب الحرية اليميني حسب استطلاعات الرأي التي نشرت لدى إقفال صناديق الاقتراع.
أما في المجر، فقد حقق الحزب السيادي برئاسة رئيس الحكومة فيكتور أوربان انتصارا ساحقا جامعا نحو 56 في المئة من الأصوات، ومتقدما بأكثر من 45 نقطة على المعارضة من يسار الوسط واليمين.
يمين الوسط يطالب برئاسة المفوضية
وتشير استطلاعات الرأي، إلى حصول الأحزاب اليمينية على نتائج أفضل من الانتخابات الأخيرة، لكنها لن تكون قادرة على ضمان الأغلبية في البرلمان الأوروبي.
ورغم ذلك، أعلن زعيم حزب «الشعب الأوروبي» جوزيف دول، أن مجموعة اليمين في البرلمان الأوروبي ستصر على تولي مرشحها الأساسي لرئاسة المفوضية الأوروبية.
وبعد أن منحت التقديرات مجموعة اليمين حصة الأسد في البرلمان، قال دول: «فزنا بالانتخابات، ومرشح حزب الشعب الأوروبي مانفريد فيبر سيكون رئيس المفوضية الأوروبية».
وبموجب ما يُسمى عمليّة الـ«سبيتزنكانديدات»، يُفترض بالبرلمانيّين الأوروبيين أن يُصوّتوا لدعم المرشح الرئيسي المتصدّر لأكبر مجموعة سياسيّة تنبثق عن الانتخابات من أجل قيادة المفوضية التي تعدّ الذارع التنفيذية للاتّحاد.
نسبة المشاركة الاكبر في 20 عاما
وأعلن البرلمان الأوروبي الأحد، أن نسبة المشاركة في الانتخابات الأوروبية هي الأكبر في عشرين عاما، مشيرا إلى أن النسبة وصلت إلى نحو 51 في المئة، بالنسبة إلى الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد من دون المملكة المتحدة.
وأوضح المتحدث باسم البرلمان جوم داش، أنه مع احتساب المملكة المتحدة، فإن هذه النسبة يمكن أن تتراوح بين 49 و52 بالمئة.
وأضاف: «لا أحد يمكنه أن يصبح رئيس المفوضية دون أن يحصل على دعم 376 من أصل 751 نائبا أوروبيا»، مشيرا إلى أن رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأوروبي، سيجتمعون اليوم الثلاثاء للبحث في التعيينات المقبلة.