يقبل الورقليون من شرائح مختلفة على استهلاك تمر «الغرس» الذي أصبح يزين مائدة الإفطار بعد أن شهدت أسعار «دقلة نور» إرتفاعا «جنونيا» بأسواق التمور عند حلول الشهر الفضيل.
ويعد «الغرس» واحدا من أصناف التمور المنتجة بكثرة بالمنطقة، وتحظى باستهلاك واسع من طرف العائلات الورقلية لما تحمله من فوائد غذائية للصائم من جهة، ولأسعارها المناسبة التي لا تزيد عن 200 دج للكيلوغرام الواحد من جهة أخرى.
علما أن «دقلة نور» التي طالما ارتبط تزايد استهلاكها بمناسبة شهر رمضان المعظم لم تعد على الأقل مع بدايات شهر الصيام في متناول أغلب شرائح المجتمع.
ويشهد تمر «الغرس» رواجا كبيرا في أوساط المستهلكين منذ مطلع الشهر الكريم الذين يفضلون تناول هذا النوع من التمور، حيث يسجل إقبالا واسعا على طاولات بيع هذا التمر بأسواق ورقلة.
ويشكل هذا الصنف من التمور مصدر رزق لعديد العائلات التي تقوم بحفظه وتعليبه منزليا عن طريق فرز حبات التمر من حيث الطول والحجم والوزن، وتنظيفه بإزالة الشوائب العالقة به قبل وضعه في الماء وتجفيفه تحت أشعة الشمس، وفقا لما صرحت به السيدة «فاطمة الزهراء»، إحدى النساء اللّواتي دأبن على القيام بهذه العملية، والتي تقطن بمنطقة الشط ببلدية عين البيضاء (10 كلم شرق ورقلة).
ويتم تعليب هذه الثمرة ذات الطلب الواسع هذه الأيام الرمضانية عن طريق وضعها ورصها داخل أكياس من القماش أو عبوات بلاستيكية، والضغط عليها باليد لإفراغها من الهواء قبل إغلاقها بشكل محكم ممّا يؤدي إلى إمكانية الإحتفاظ بها لفترات طويلة، إستنادا للمتحدثة.
وبعد الإنتهاء من عملية تعليب تمر «الغرس» يتم تسويقه أو الإحتفاظ به لأغراض المؤونة، تستخدم في صنع عديد أنواع الحلويات والأطباق التقليدية لاسيما خلال مواسم الأعراس والأفراح، فيما تتفنّن عائلات أخرى في استخدامه لصنع «الكليلة» أو»الرفيس» أو» الزريرة»، وهو خليط من غرس التمر والدقيق والدهان أو الزبدة، وهو يشكّل زادا رئيسيا للمعتمرين وحجاج بيت الله الحرام.
حملات عبر صفحات التّواصل الإجتماعي لمقاطعة «دقلة نور»
نشر عديد رواد موقع التواصل الإجتماعي «فايسبوك» عبر صفحات محلية تعليقات تعبّر عن «تذمّرهم» الشديد بخصوص الأسعار المرتفعة التي تجتاح أسواق بيع «دقلة نور» منذ مطلع شهر رمضان المبارك، والتي تجاوزت حسبهم سقف 750 دج للكيلوغرام الواحد، داعين إلى شن حملة لمقاطعتها.
وتساءل العديد منهم عن أسباب ارتفاع أسعار تمور «دقلة نور» بالرغم من أن المنتوج المعروض في أسواق مدينة ورقلة (أسواق السبت والحجر والقصبة وغيرها) هو عبارة عن محصول مجمّد تمّ إنتاجه برسم موسم الجني للسنة الفارطة، وهي الطريقة التي ينتهجها عادة معظم سكان المنطقة كوسيلة للحفاظ على التمور.
ورفع عديد المواطنين شعار «خلّيه يفسد» خلال هذه الحملة التي عرفت استجابة «واسعة» في أوساط رواد الصفحات الفايسبوكية المحلية.
وفي هذا الصدد، يرى «كمال» أحد رواد ذات الصفحة «أنه من الغير المبرر إطلاقا غلاء سعر التمور إلى هذا الحد في منطقة تعتبر واحدة من أكبر منتجي التمور، فيما لا تتجاوز - حسبه - أسعارها في ولايات بعيدة على غرار الجزائر العاصمة أوقسنطينة أووهران 450 دج للكيلوغرام الواحد كحد أقصى».
الموز يقتحم الميدان
وفي المقابل وللمفارقة الغريبة - يضيف نفس المصدر - يتم استيراد فاكهة الموز من دول أمريكا اللاتينية إلى الجزائر، ويباع بسعر أقصاه 300 دج للكيلوغرام الواحد، فيما يصل سعر تمر «دقلة نور» المنتجة محليا إلى أضعاف هذا الثمن.
وأرجع عديد تجار التمور بورقلة ومن بينهم السيد قادر بن أحمد ارتفاع أسعار «دقلة نور» إلى مردودها غير الوفير خلال الموسم الفلاحي الفارط بسبب عديد العوامل، سيما المرتبطة بالمناخ (برودة ورياح قوية وأمراض تصيب النخلة)، إلى جانب أن حالات لمحصول غير كامل النضج (حشف أو صيش وهو عبارة عن تمر جاف غير صالح للإستهلاك) قد اجتاحت أعدادا كبيرة من النخيل المثمر.
ومن جهته إعتبر «خنفر» وهو «متسلّق النّخلة» بأنّ «تعب الفلاح والخسارة التي يتكبّدها في بعض المواسم الفلاحية لأسباب مناخية أو لعوامل أخرى، بالإضافة إلى نقص اليد العاملة المؤهلة والأسعار التي يفرضها القطاع المقدرة بـ 200 دج للنخلة الواحدة، إلى جانب تكاليف سقيها ومعالجتها وغيرها، من بين أهم الأسباب التي أدت إلى ارتفاع أسعار دقلة نور».
«لا يجد المستهلك حرجا في إقتناء فاكهة التفاح خلال شهر الصيام بما يفوق 700 دج ومادة زيت الزيتون ب 1.000 دج للتر الواحد، ناهيك عن مواد استهلاكية أخرى قد تكون ثانوية، فيما يشن حملة لمقاطعة التمر المحلي الذي يعتبر مادة استهلاكية هامة لقيمتها الغذائية ولفوائدها الصحية للصائم»، يقول المصدر.
ومن جانبه، أرجع رئيس الغرفة الفلاحية بورقلة غلاء أسعار تمور «دقلة نور» إلى ظاهرة المضاربة في الأسعار من طرف التجار وأيضا لإشكالية التخزين، لافتا في هذا الإطار، إلى أن هذه الظاهرة شأنها كشأن ارتفاع أسعار الخضر والفواكه (بطاطس وطماطم وغيرها) ولا دخل للفلاح فيها، حيث يقوم هذا الأخير ببيع محصوله في وقته.
وشدّد عقبة شكري بوزياني على أهمية تنسيق جهود جميع الفاعلين، وتكثيف عمليات المراقبة من طرف مصالح مديرية التجارة وتسقيف الأسعار من أجل حماية المواطن والفلاح على حد سواء.
وإستنادا لمدير التجارة العياشي عمروني، فإن هذه المادة الإستهلاكية «غير مقنّنة»، ممّا جعلها عرضة للمضاربة من طرف التجار.
وتحصي ولاية ورقلة التي تعتبر واحدة من الولايات الأولى المنتجة للتمور بالجزائر ثروة تناهز 2،5 مليون نخلة، على مساحة تصل إلى 23 ألف هكتار من بينها 2،1 مليون نخلة منتجة، حيث يقدر الإنتاج السنوي من التمور بكل أصنافها بنحو1،4 مليون قنطار، حسب معطيات مديرية المصالح الفلاحية.
ويشكّل صنف «دقلة نور» (العسلية ذات اللون الذهبي) أكثر أنواع التمور رواجا، بحيث يحصي هذا النوع ما مجموعه 1،4 مليون نخلة، من بينها 1،1 مليون نخلة منتجة، فيما يتوزع صنفا «الغرس» و»الدقلة البيضاء» على ما يناهز 1 مليون نخلة منتجة، كما أشير إليه.