تشهد أغلب مصالح الاستعجالات بالمؤسّسات الاستشفائية الثلاثة الرّئيسية بولاية بومرداس وباقي المؤسسات الجوارية والعيادات متعدّدة الخدمات المتواجدة على مستوى البلديات ضغطا كبيرا، حيث تستقبل هذه المصالح أعدادا متزايدة من المرضى وصل إلى حدود 160 حالة يوميا في بعض المستشفيات أغلبهم من المصابين بالأمراض المزمنة نتيجة المضاعفات الصحية إما بسبب الصوم أو نتيجة تغير نمط التغذية وتناول كميات زائدة من السكريات والوجبات الغنية بالبروتينات والدهون.
لا يزال المواطن بولاية بومرداس يطمح إلى الإرتقاء ارتقاء الخدمات الصحية العمومية إلى مستوى التطلعات والتحديات التي فرضتها التحولات السريعة في نمط الحياة والبرنامج الغذائي، التي تتطلب تكيفا سريعا من قبل القائمين على القطاع خاصة مع الارتفاع المتزايد لعدد سكان الولاية الذي تعدى 900 ألف نسمة، وحتمية توفير تخصصات طبية جديدة ووسائل حديثة للكشف عن الأمراض المستعصية منها أجهزة سكانير التي تفتقدها المؤسسات الاستشفائية الثلاثة في كل من ثنية، برج منايل ودلس، وحتى وإن وجدت في واحدة منها مثلما يشاع كمستشفى الثنية فإنها غير متاحة لجميع المرضى، بل وصل الأمر إلى حد مطالبة المريض بإجراء كشوفات بسيطة بالأشعة أوالتحاليل المخبرية لدى الخواص.
بالإضافة إلى نقائص أخرى في مجال الطب المتخصص، أزمة المناوبة في أغلب المصالح خاصة مصلحة طب النساء وغيرها من الانشغالات الأخرى التي يتقاسمها أحيانا حتى الفريق الطبي وشبه الطبي، الذين «يشتكون من تدني ظروف العمل لغياب الوسائل والأجهزة والحماية المطلوبة من التهديدات والضغط الشديد الذي تشهده أغلب المصالح منها مصلحة الاستعجالات التي تعاني أكثر من باقي المصالح خاصة في هذه المؤسسات العمومية التي تستقبل عشرات المرضى يوميا بسبب سياسة التمركز وتأخر تجهيز وفتح مصالح أخرى بالعيادات متعددة الخدمات، وتدعيمها بالوسائل الضرورية والتأطير الطبي الكافي لتخفيف حدة الأزمة.
وقد كان لـ «الشعب» عدة وقفات في هذه المصالح، ومنها مصلحة الاستعجالات الطبية بمستشفى محمد بوداود بدلس، التي تشتغل يوميا فوق طاقتها باستقبال أحيانا أزيد من 200 حالة خلال المداومة الواحدة، وبطاقم طبي وشبه طبي يقاوم لتقديم الخدمات الطبية المستعجلة لعشرات الحالات التي يستقبلها من البلديات المجاورة مثلما كشف عنه بعض الأطباء والممرضين العاملين بالمصلحة ومثلما لاحظناه مباشرة، كما تعاني الاستعجالات من قلة عدد الأسرة نتيجة ضيق المكان الذي لا يوفر ظروف عمل مريحة، وقال عنه مسؤولو المؤسسة «أنّها مصلحة مؤقّتة إلى غاية إنجاز مشروع جديد استفاد منه المستشفى إلى جانب مصلحة تصفية الدم، مصلحة الطب المتخصص ومخبر التحاليل الطبية لكنها لم تر النور لحد الآن، فيما يبقى التفكير بإعادة إخراجها مثلما كانت سابقا لتأخذ جناحا من مؤسسة الصحة الجوارية، لكنها تبقى مجرد مقترح حسب ما أسرت به بعض المصادر متحدثة لـ «الشعب».
المواطن أيضا كان له نصيب من هذا التذمر اليومي عندما علّق البعض «أن الوضع المتردي للمصلحة ونقص عدد الأطباء يصل أحيانا إلى حد المشادات، ويبدأ من مدخل المصلحة وهو عبارة عن رواق ضيق وغياب مساحة لركن السيارات التي تقل الحالات المستعجلة، ثم تأتي مشاكل أخرى ألفها المرضى كنقص عدد سيارات الإسعاف لتحويل الحالات المستعجلة، ودفع المريض إلى إجراء الفحوصات والتحاليل المخبرية لدى الخواص، وهي وضعية تعكس واقع القطاع بصفة عامة..».
يذكر أن مصلحة الاستعجالات القديمة لمستشفى محمد بوداود المتواجدة خارج المؤسسة، تعرضت إلى أضرار جزئية جراء زلزال 2003 وهي مصنفة في خانة البرتقالي 4، مع ذلك استفادت من أشغال تهيئة على مرحلتين كلف المشروع الثاني 30 مليون دينار في أشغال تزيين خارجية، وفي الأخير تركت لحالها بعدما تم برمجة مشروع جديد لم ينجز وصراعها القانوني مع إدارة مؤسسة الصحة الجوارية حول ملكية المبنى، كما تم تخصيص مصلحة جديدة على مستوى العيادة متعدد الخدمات بالمدينة الجديدة لتخفيف الضغط، لكنها لحد الآن لم توضع في الخدمة رغم توفير الوسائل الطبية والأجهزة، ليبقى المواطن يعاني في رحلة البحث عن خدمات صحية تحفظ كرامته.