«إعادة دفن شهداء وشهادات حية لمن صنعوا التاريخ »
أحيت الأسبوع الفارط القاعدة الشرقية للثورة التحريرية، الذكرى الواحدة والستين لمعركة سوق أهراس الكبرى، التي جرت أحداثها بمشتة واد الشوك ببلدية الزعرورية برفقة الأسرة الثورية وبعض المجاهدين الذين شاركوا في هذه المعركة من ولايات قالمة، عنابة، الطارف وبجاية، بحيث تم إعادة دفن رفاة أربعة شهداء.التفاصيل تنقلها «الشعب» في صفحة من التاريخ.
تعتبر معركة سوق أهراس في نظر المؤرخين حدثا مميزا كان له الأثر البارز على مجرى ثورة التحرير الوطني. وقعت هذه المعركة التي استمرت أسبوعا كاملا بدءا من يوم 26 أفريل 1958 انطلاقا من منطقة «ويلان» بالقرب من سوق أهراس لتتوسع إلى أعالي «حمام النبائل» (قالمة)، وما تزال حية في ذاكرة من عايشوها من مجاهدين وسكان المنطقة. بحيث خلفت هذه المعركة 639 شهيد وقتل فيها مالا يقل عن 300 من جنود الاستعمار، وجرح 700 آخرين لتبقى بذلك مسجلة بكل افتخار في ذاكرة من عايشوا أحداثها.
وتشير المصادر التاريخية إلى أن، التضاريس الوعرة للمنطقة صعبت من تنقل جنود جيش التحرير الوطني، الشيء الذي دفع بقيادة الفيلق الرابع الذي كان مقرها بعين مازر قرب ساقية سيدي يوسف(تونس)، إلى عبور خط موريس المكهرب بمنطقة «الدهوارة» قرب قالمة من أجل توصيل الأسلحة والعتاد الى الولاية الثانية.
وقد تم اكتشاف أمر هذه القافلة يوم 26 أفريل 1958 من طرف قوات الاحتلال، مما أدى إلى نشوب هذه المعركة. وهذا ما أشار له أستاذ التاريخ بجامعة سوق أهراس جمال ورتي لـ«الشعب» قائلا:»أن معركة سوق أهراس التي وقعت وسط سلاسل جبلية كثيفة، وأودية صعبة الاجتياز «تعد من أكبر المعارك خلال ثورة التحرير المجيدة «، إذ أن الأسلحة التي استخدمت فيها تعادل «معركة من أضخم معارك الحرب العالمية الثانية».
وشارك في هذه المعركة حسب نفس المؤرخ الفيلق 9 و 14 للمظليين والفيلق 8 و28 للمدفعية بعيدة المدى، وكل من الفيلق 26 ، 151 و152 مشاة ميكانيكية وهي وحدات لها «تاريخ عسكري ومن أشرس الفرق العسكرية الفرنسية»، التي شاركت في الحربين العالميين الأولى والثانية وحرب الهند الصينية.
من جهته دعا المجاهد شوشان إلى المحافظة على التاريخ ليكون التواصل بين الجيلين مشيرا إلى أنه على الجيل الصاعد أن يدرك أن له تاريخ عظيم سجله آباؤه وأجداده بالدم، موضحا في سرده للأحداث أنه بعد إنشاء خط موريس في جوان 1957 على تراب القاعدة الشرقية واستكماله في أكتوبر من نفس السنة، وبعدما تدفقت كميات هائلة من الأسلحة والذخيرة إلى داخل الوطن، شرعت قوات العدو في حراسة شديدة للحدود الغربية وخاصة الشرقية.
ويضيف أنه حينما أدركت قيادة الثورة والقاعدة الشرقية أن خط موريس، قد فصل جزءا من ترابها عن بقية مناطقها بادرت إلى إرسال قوات لربط الاتصال وحماية القوافل الناقلة للسلاح إلى جيش التحرير، قبل أن يتم اكتشاف أمرها من طرف العدو الذي جهز جيشا وطائرات ودبابات ومدفعية ميدان ومشاة ومظليين مما أدى إلى نشوب معركة سوق أهراس.
واستنادا لرئيس جمعية الناجين من هذه المعركة المجاهد حمانة بولعراس، فإن ميدان معركة سوق أهراس الكبرى تم اكتشافه بوادي الشوك ببلدية الزعرورية، وبعد أسبوع تقريبا من المعارك التي جرت، تسلل المجاهدون وتحولوا إلى جبال المشروحة ثم إلى الدهوارة.