توالت دعوات الأحزاب السياسية، أمس، إلى احترام المتظاهرين في التعبير عن آرائهم بكل حرية وسلمية، وذلك بعد تسجيل مناوشات بين أفراد الأمن ومحتجين سلميا في الجمعة الثامنة من الحراك الشعبي، الذي عرف مشاركة مليونية للمواطنين عبر مختلف ولايات الوطن، وطالبت الأحزاب بضرورة فتح حوار عاجل لتفادي الفوضى، وتحقيق المطالب المرفوعة.
رغم أن الحراك الشعبي يحافظ على سلميته بكل المقاييس إلا أن أطرافا مجهولة اندست وسط المتظاهرين، أول أمس، لتنفيذ أجندات خبيثة تنافي المطالب الشعبية تماما، وفي هذا الصدد وجهت أحزاب سياسية دعوات إلى السلطات العمومية إلى تفادي قمع المتظاهرين السلميين، وأكدوا أن ذلك قد يفتح الباب أمام إنزلاقات خطيرة بالشارع.
لم تتأخر حركة مجتمع السلم «حمس» في إدانة التعامل الاستفزازي ضد المتظاهرين الذي لوحظ في عدد من المسيرات خلال الأسبوع الماضي وخلال جمعة أول أمس، بالعاصمة، ومحاولة جر الحراك إلى دائرة العنف وإخراجه عن طابعه السلمي الذي تميز به في كل أنحاء الوطن منذ 22 فيفري.
ودعا رئيس الحركة عبد الرزاق مقري في بيان له صدر عقب اجتماع المكتب التنفيذي الوطني المواطنين لحماية حراكهم من أي جهة تعمل على اختراقه وإخراجه عن أهدافه أو احتوائه سياسيا أو أيديولوجيا لصالح أي جهة مشبوهة، ولإيجاد حل عاجل طالب أصحاب القرار الفعليون إلى لاستجابة للمطالب الشعبية التي وصلت إلى حد الإجماع الوطني، وكذا إلى الشروع العاجل في حوار وطني جاد ومسؤول وصادق يفضي إلى الحلول التي تضمن الانتقال السياسي الآمن وتجسيد الإرادة الشعبية.
في مقابل ذلك، عبر مقري عن إدانته لسياسة الأمر الواقع والقرارات الأحادية والفوقية التي أصبحت لا تجدي نفعا والتي انتهجت سابقا وأوصلت البلد إلى حالة الإفلاس الذي نهض الشعب لإنهائه»، مثمنا «الرفض الشعبي الشامل للإجراءات الفوقية وفرض الباءات الثلاثة على الجزائريين، وتجاوز المادتين السابعة والثامنة من الدستور من خلال المسيرات الأضخم منذ يوم 22 فيفري الماضي.
حزب العمال يحذر من أي انحراف
من جهته، حذر حزب العمال من اللجوء إلى إستعمال العنف المفرط وقمع المتظاهرين السلميين وهو ما شهدته جمعة أول أمس، التي عرفت محاولات عرقلة التعبئة الشعبية الواسعة وحملتها مسؤولية أي انحراف خطير»، وأكد الحزب على ضرورة احترام الحق في التظاهر السلمي.
ونبهت الأمينة العامة لحزب العمال لويزة حنون في منشور عبر صفحتها الرسمية في شبكات التواصل الاجتماعي «الفيسبوك» أن «السلطات العليا في البلاد من حاولت بمعية مصالح الأمن عرقلة التعبئة الشعبية الواسعة، في حين حملتها مسؤولية أي انحراف وهذا عشية المسيرة كل جمعة، والتي كانت سلمية منذ بداية المسار الشعبي لـ 22 فيفري الماضي..
وأشارت حنون أن العالم بأكمله يشهد على التطلع العميق للشعب الجزائري من خلال المسيرات السلمية التي يقوم بها، والتي جاب من خلالها مختلف ولايات الوطن على تحرير نفسه سلميا من نظام يمارس كافة وسائل العنف بهذه الطريقة ضد هذا الشعب من أجل بقائه في الحكم.
مناصرة:الحل يكمن في استقالة من يرفضهم الشعب
في سياق التطورات المشهد السياسي قال عبد المجيد مناصرة، أمس، إن حل الأزمة بعد تصاعد المطالب الشرعية للحراك الشعبي يكمن في سيناريوهين لا ثالث لهما، الأول يتمثل في الذهاب إلى الرئاسيات بنفس الوجوه دون تغييرها مع استمرار الحراك الشعبي حتى وإن تراجع شيئا فشيئا مع مخاطرة كبيرة، والثاني يتمثل في تلبية مطالب الشعب واستقالة المعنيين.
أوضح مناصرة في منشور له عبر صفحته الرسمية في موقع فيسبوك، أمس، أنه يجب أن» ندرك أن السياسة - في حالات كثيرة هذه من بينها - هي بالانطباع وليس بالإقناع .. وأن مصادمة الانطباع بهذا الشكل قد تكون نتائجه وخيمة، وهو ما يؤدي حسبه إلى العنف والفوضى في حال رفض مطالب الشعب.
وتساءل السياسي قائلا:« فكيف نخرج من الأزمة من خلال_السيناريو_الثاني؟، الذي تراه السلطات حلا في الوقت الحالي، ليجيب «يوجد تفسير دستوري تقدم به البعض أظنه يمثل حلا حتى وإن كان بعيدا عن ظاهر النص، يتمثل في: 1- استقالة_بلعيز من رئاسة المجلس الدستوري ويتولى بن صالح تعيين شخصية قانونية مقبولة رئيسا للمجلس، واستقالة بدوي وتعيين عضو آخر من الحكومة بدلا عنه.
واقترح مناصرة لتحقيق حل شامل بعد الخطوات التي ذكرها باستقالة بن صالح من رئاسة الدولة ويتولى رئيس المجلس الدستوري الجديد رئاسة الدولة، قائلا:«ونكون بذلك قد خرجنا من أزمة الانسداد بأقل الأضرار دون أن نخرج من الدستور، أما التغيير الحقيقي للنظام فلن يكون إلا بانتخابات نزيهة وبإصلاحات توافقية وانتقال ديمقراطي سلس ودستوري.
وذكر السياسي ورئيس حركة مجتمع السلم سابقا أنه كان المتاح بعد استقالة بوتفليقة وقبل اجتماع البرلمان أن يستقيل بن صالح ويعوض في نفس الجلسة بعضو آخر مقبول.. ثم استقالة بلعيز ويتولى نائبه رئاسة المجلس الدستوري واستقالة بدوي وتعويضه بعضو آخر من الحكومة، وكل هذا يسمح به الدستور في إحدى تفاسيره الاجتهادية.
مناضلو«الأفافاس» يطردون العسكري
في خضم الحراك الشعبي وتطورات المشهد على الساحة السياسية شهد مقر حزب جبهة القوى الاشتراكية، أمس، بالعاصمة، مناوشات خطيرة بين مناضلين رافضين لرئيس هيئة تسيير «الأفافاس» علي العسكري ومؤيدين له. حيث سجل مقر الحزب بأعالي العاصمة فوضى عارمة بسبب ما أسماه المعارضون بالخروج عن الخط السياسي للحزب وصدور إملاءات، وتعليمات خارجة عن التشكيلة السياسية، مؤكدين رفضهم التام لاستمرار العسكري في صفوف الحزب حاليا.