طباعة هذه الصفحة

أدب الطفل بين الحضور والغياب

بقلم الشاعر نور الدين مبخوتي

 تبدأ صعوبة أدب الطفل إجمالا باعتباره ظاهرة ثقافية فتية جديدة  مستحدثة في ثقافتنا العربية ككل مع صعوبة تحديد مفهوم دقيق صارم للجهاز المفاهيمي وعلى رأسه مصطلح أدب الطفل ذاته، فهو زئبقي وفضفاض عصي على القبض والامتلاك رغم أن التعريفات تشير إلى بعض الدلالات منها مثلا أنه يراد به ذلك النتاج الذي يكتبه الأدباء الكبار للبراعم الصغار وفق شروط فكرية وجمالية محدّدة، بل إن بعض المشتغلين بأدب الطفولة يدرجون كتابات الأطفال الناشئين في هذه الخانة، وهناك من يتعسف ويوسع الدائرة ويذهب مذهبا آخر مفاده أن اتخاذ الطفل كموضوع وتيمة كفيل أن يدرجه بسهولة ضمن أدب الطفل على النحو الذي نشهده في مراثي الشعراء القدامى لفلذات أكبادهم. إن استقراء المنجز الإبداعي  الطفولي في الجزائر بالتأني المطلوب يؤكد وجود هذه الأنماط والأشكال الإبداعية الثلاثة في مشهدنا الثقافي قصة وشعرا ومسرحية رغم ما يسجله المتابع من غياب أجناس تعبيرية أخرى كالرواية المكتوبة للفتيان والإذاعة المدرسية وسينما الطفل فلا وجود  لها على الإطلاق. بقي أن أشير أيضا أن الأدب الجزائري اشتغل على الطفل كتيمة وقد قدمت ورقية بحثية بجامعة تمنراست عن حضور الطفل الفلسطيني الشهيد محمد الدرة في الشعر الجزائري. المهم هناك مكاسب لأدب الطفولة في الجزائر منها مثلا وجود صحافة الطفل وهنا نشيد بتجارب إعلامية رغم احتجابها إلا أنها كانت رائدة  كمجلة نونو ومجلة مقيدش، وفي هذا المقام نثمن جهود أهل بسكرة ومبدعيها المهتمين بأدب الطفولة الذين أظهروا للوجود مجلات خاصة بالطفولة كمجلة براعم ومجلة البسكري الصغير. وغير بعيد عن هذا، فإن البحث العلمي الجامعي الأكاديمي  حقّق تقدما وتراكما ملحوظا فالرسائل الجامعية التي تقارب هذا المتن الطفولي تتزايد باطراد بعدما كانت مقتصرة على بعض الباحثين المختصين القلائل من قبيل د. محمد مرتاض أو  د.العيد جلولي ود. ناصر معماش، ها نحن نصادف رسائل جامعية أخرى  كأطروحة الحيوان في الشوقيات لسيدي محمد بن مالك وحكاية الخرافة على لسان الحيوان - ابن المقفع ولافونتين نموذجا وكذلك أدب الأطفال في الجزائر - دراسة لأشكاله وأنماطه بين الفصحى والعامية للزهراء خواني ودائما بهذا الصدد، فإن جامعة فرحات عباس بسطيف أقامت ملتقى دوليا حول الطفل الموهوب في الوطن العربي، ولا يخفى على أحد أن مثل هذه الأبحاث النظرية يمكن أن تكون سندا للمدرسة كي تؤدي دورها على أكمل وجه في تقريب أدب الطفل للصغار كمحطة أولى ومن ثمة تعمل جاهدة على تفتق مواهبهم من خلال إعادة صياغة التراث الأدبي القومي العربي بيسر على النحو الذي فعله الشاعر السوري سلميان العيسى مع شعراء العربية الفحول كالمتنبي والمعري، في مقابل ذلك يتعين على المشرفين على الفعل التربوي إنشاء مجلات حائطية تنشر أعمالهم  وإقامة احتفاليات تدربهم على فن الإلقاء وتشجيع مهرجان الأنشودة المدرسية وكذلك المسابقات مثل أقلام بلادي.