طباعة هذه الصفحة

مؤسسات جزائرية رائدة أمام المنافسة

وفرة في الاسمنت والحصى واحترام أجال الإنجاز التحدي الأكبر

التقتهم: فضيلة بودريش

نقص اليد العاملة المؤهلة في البناء رهان يجب كسبه

يشهد سوق البناء نموا سريعا وانتعاشا كبيرا وحركية واسعة، حيث سجل تطورا في مجال الإنجاز في ظل المنافسة الحادة خاصة مع دخول مؤسسات أجنبية في مجال البناء، وبالمقابل خلال السنوات الأخيرة أنشأت العديد من المؤسسة بهدف توفير المواد الأولية التي تدخل في البناء في جميع أطواره..فيا ترى ماهي التحديات وأين تكمن النقائص لتجاوز عوائق عدم احترام آجال الإنجاز في ظل وفرة كبيرة للمواد الأولية ومقدرات بشرية تحتاج إلى التأهيل والتوجيه وكذا الاستغلال؟
على هامش صالون البناء والانجاز «باتيماتيك» الذي احتضنه قصر المعارض الصنوبر البحري بمشاركة 15 دولة من بينها تركيا واسبانيا وفرنسا والبرتغال وتركيا ومصر، اقترب «الشعب الاقتصادي من مؤسسات جزائرية ورصدت ما تعرفه السوق من تحولات كبرى وتحديات في الإنجاز..


تذبذب في التزوّد بمادة الحديد

عكف  يوسف أوحداد مكلف بالمتابعة التقنية في مؤسسة « زواوي لأعمال البناء» على تسليط الضوء على أبرز تحديات مؤسسات البناء الجزائرية، علما أن هذه المؤسسة أثبتت قوة تنافسيتها في سوق البناء وافتكت شهادة إيزو حيث توظف أكثر من 800 عامل في مختلف التخصصات،  وتشرف على إجراء الدراسات وكذا أشغال البناء، وتحدث أوحداد عن تجربتهم الناجحة في إنجاز وتجسيد العديد من المشاريع في مجال البناء في عدة مناطق من الوطن، و بالموازاة لديهم ترقية عقارية لبناء  السكنات للمواطنين، من بينها إنجاز مشروع 294 مسكن بولاية سطيف الجارية الأشغال على مستوى هذه الورشة، إلى جانب وحدة لصناعة لوحات «شاربونت ميتاليك» سوف تشرع في نشاطها شهر أفريل المقبل، وتحوز على دراسة  لصناعة الخرسانة الصناعية الجاهزة، بحسب طلب الزبائن في السوق، وفوق كل ذلك تسهر على توفير الوحدات الصناعية والسكنات العقارية والتجهيزات العمومية والخاصة وتسيد المؤسسات، وتعد هذه المؤسسة رائدة في ولاية سطيف، حيث تم خلال ترتيب وزارة السكن احتلت عام 2014 المرتبة الثامنة وطنيا بالنسبة للمؤسسات المحلية والأجنبية التي تعكف على إنجاز المشاريع في الجزائر. ومن الصعوبات التي تواجهها هذه المؤسسة ذكر «أوحداد» احترام الآجال أو دفتر الشروط، على خلفية أنه أحيانا و فجأة يتغير الوضع بسبب الأرضية والظروف المناخية تطرأ ظروف جديدة على أرض الواقع حيث يضطر مكتب الدراسات إلى تغيير الدراسة، ورغم أنهم يجمعون ما بين مصلحة الدراسات ومصلحة الانجاز، لكن قال أوحداد أنه لازال يعرقلهم مشكل في سوق البناء والمتمثل في اليد العاملة المؤهلة وليس اليد العاملة العادية، ومع ذلك يتمسكون باليد العاملة التي تتوفر لديهم والتي انطلقت مع المؤسسة ومؤهلة ويعتمدون عليها كثيرا، وتضمن لهم تحقيق النوعية والجودة العالية ويضاف إليها الرقابة الجيدة التي تسري على مشاريعهم لضمان نوعية الانجاز، يذكر أن مؤسسة «زواوي» تتطلع في الوقت الراهن لتصبح مؤسسة عالمية تنافس ما تنجزه المؤسسات الصينية والتركية، لكن «أوحداد لم يخف بأنهم يتطلعون حتى تكون المناقصات مناسبة لهم. وحول بعض التحديات التي تواجههم ذكر أزمات متقطعة في التمويل ببعض مواد البناء، حيث بعد توفر مادة الاسمنت، أحيانا يواجهون نقصا في التزود بمادة الحديد، وأحيانا عدة مواد أخرى.
وفرة وجودة
تحدث عبد الرزاق بوستة مدير الإنتاج لدى مؤسسة «أن.أم.سي»  للرخام عن الحلول والعديد من المواد التي توفرها هذه المؤسسة وبجودة عالية لسوق البناء والتي كانت تستورد بالعملة الصعبة، وأوضح بوستة أنهم يتخصصون في الصناعة التحويلية للرخام، حيث يجلبون الصخور الخام من المناجم، وبعد
ذلك يتم تحويلها إلى إلى لوحات كبيرة أو مادة نهائية يستعملها المستهلك مباشرة، علما أن المواد المصنعة محلية وتضاف إليها مواد أخرى مستوردة من الخارج أي من البرتغال وإسبانيا واليونان وإيطاليا، أما المواد المستعملة محليا تستخرج من مختلف المناجم عبر مختلف ولايات الوطن، وعكف ممثل هذه المؤسسة بوستة على تشريح تحديات كبرى اختزلها في التموقع في السوق والتعريف بالمنتوج المحلي وكذا الحفاظ على الجودة العالية، علما أن هذه المؤسسة تسعى إلى رفع رهان منح الأولوية للرخام المحلي بدل المستورد بهدف تشجيع الصناعة الوطنية، لانها تطرح أسعارا تنافسية ومنتوجا ذا جودة عالية، أما ما يشغل بالهم وجود مواد بنوعية رديئة وأسعار منخفضة تنافسهم منافسة غير عادلة، واغتنم الفرصة ليدعو إلى طرح دفاتر شروط جيدة لفائدة المنتوج الوطني، على اعتبار أن هذه المؤسسة تتوفر على إمكانيات إنتاج كبيرة تلبي كل الطلبيات المسجلة المستوردة وأشار بوستة في سياق متصل إلى أن قطاع البناء يعاني من عدم احترام آجال البناء وتنقصه بشكل فادح اليد العاملة المؤهلة. ووقف على وجود دراسات لتصدير مادة أولية نهائية للرخام المحلي بجودة عالية نحو أسواق خارجية. والجدير بالإشارة فإن هذه المؤسسة تعود للإخوة زحاف، وتوظف 140عامل.
مواكبة المنافسة
قال حجرسي سليم مسؤول المبيعات في «مؤسسة بسكرية للاسمنت» ذات الأسهم منطقة شرق أن هذه المؤسسة تنتج وتسوق مادة الاسمنت، علما أن طاقتها الانتاجية تصل إلى5 ملايين طن في السنة بفضل ثلاثة خطوط للإنتاج، وتعد أكبر مركب رائد في صناعة الاسمنت في الجزائر أي مجمع خاص انطلق في الإنتاج في عام 2016 بخط واحد للإنتاج، ومقره متواجد في ولاية بسكرة «أي في منطقة «برانيس» ويتربع المركب على امتداد 100هكتار، وفوق ذلك يتوجه هذا المجمع نحو التصدير للمواد الخام مثل مادة «كلانكير» التي تسوق نحو دولة «كوديفوار» ويحضرون في الوقت الحالي للتصدير نحو «بوركينافاسو»، وتمكن هذا المجمع من تغطية السوق الوطنية بحوالي 80بالمائة، ويحوز المجمع على مجموعة إنتاج تضم 4أنواع من الاسمنت، حيث تسوق عبر شبكات توزيع مباشرة وغير مباشرة، أما بخصوص التحدي الأكبر المسجل في الصدارة يكمن في التصدير نحو أسواق خارجية ليس المواد الخام بل الاسمنت الذي ننتج، وطموحنا مواكبة المنافسة الشرسة، باقي الوحدات الإنتاجية لدينا 1200عامل، والمواد الأولية مائة بالمائة جزائرية، علما أننا نستخرجها من حقول قريبة من المجمع. مشاكلنا مواكبة المنافسة المحلية في البداية. منتوجنا متوفر على طول الوقت لا توجد ندرة. هدفنا تطوير التصدير.
تكوين أكثر من 1700 متربص سنويا
أثار رشوم إدريس ممثل مؤسسة «مينيروس» لمواد وأدوات الصباغة والدهن التي تتواجد في السوق منذ 46عاما، مشكل الفوترة الذي يواجه هذه المؤسسة في التعامل مع مختلف زبائنها الذين يفضل البعض منهم التعامل بشكل مواز، رغم أن هذه المؤسسة الرائدة تطرح في السوق جميع الحلول والأدوات التي تواكب التطور الخارجي بالشراكة مع الألمان والفرنسيين والايطاليين، وتساعد الدهان حتى يربح الوقت ويقتصد في المال في عمله، علما أن 99 بالمائة، مما تنتج هذه المؤسسة يتم صناعته في الجزائر حيث لا يستورد، و على خلفية أنها لا تستورد سوى1 بالمائة من موادها، أي فيما يخص مواد الدهن المتعلقة بالديكور والتزيين من بلدان خارجية، ولم يخف ذات المتحدث أنهم منذ سنتين انطلقوا في تصدير منتوجاتهم نحو القارة السمراء على غرار كل من دولة «كوديفوار» و»السينغال» و»الكاميرون» و»تونس»، وفوق كل ذلك يغطون طلب السوق المحلية بشكل كبير أي لا يقل عن نسبة 95 بالمائة ويستحوذون على حصة الأسد. ويتواجد مقر هذه المؤسسة في خرايسية بالعاصمة، ويوفرون أدوات ذات جودة عالية وكل ما تم ابتكاره و طرحه في الأسواق الخارجية أي آخر أنظمة الدهن والصباغة المتطورة في العالم، المتمثلة في التقنية الجديدة، ويستمرون في التعاون مع أجانب من أجل تطوير مختلف التقنيات، مثل تقنية جديدة تتمثل في «رولو» يستعمله الصباغ براحة للدهن بطريقة مدهشة، ويوفرون حلولا تكنولوجية عبر الانترنيت، أي كتاب منشور على موقع المؤسسة يوجه الصباغ ويمنح طريقة وخطوات دهن المنزل بداية من السقف إلى الحطب والأبواب والمرأب مع توفير الأدوات التي تستعمل واستعراض ملخص عن كل أنواع مواد الصباغة، من أجل تطوير هذه المهنة، وتشرف هذه المؤسسة على تدخلات تقدم فيها نصائح وتكوين في مراكز التكوين المهني للمتربصين وتوعيتهم بأن مهنة الصباغ تطورت في الوقت الحالي كثيرا وتحتاج إلى الحرص على الاحترافية لتقديم الأحسن، وتفتح لهم نافذة على آخر مستجدات السوق وكيف تستعمل التقنيات الجديدة بمهنية، أي تسطر لهم ورقة الطريق التي ترفع من مهاراتهم في هذه المهنة، وبالإضافة إلى كل ذلك تربطهم شراكة مع وزارة التكوين المهني لتكوين المتربصين، لذا تسهر هذه المؤسسة على تكوين أكثر من 1700 متربص سنويا، ولديها مركز تكوين خاص تابع للمؤسسة، لديه ملحقات في العاصمة ووهران وقسنطينة وتيبازة وما إلى غير ذلك، حيث يستقبل فيه الصباغ المحترف ومن يحرص أن يطور من مهنته وتكونه مجانا، بل وتوفر له مختلف الأدوات الجديدة، وأرجع رشوم مشكل نقص الصباغين في الجزائر، إلى كون نسبة  كبيرة ممن يزاول مهنة الصباغ يحترفها بصورة متقطعة وليس باستمرار، وعلى حد تقديره بسبب ذلك تحدث الندرة في بعض الأحيان على مستوى اليد العاملة.  تتطلع هذه المؤسسة في الوقت الحالي للتموقع في السوق الإفريقية وتصدير منتوجها عبر كامل القارة السمراء، وبالإضافة إلى تطوير هذه المهنة في الجزائر حتى تبلغ أعلى سقف من الاحترافية.

مراجعة الأسعار
أما محمد تومي المدير التنفيذي للفدرالية الجزائرية للمستهلكين وصف معرض البناء والانجاز «باتيماتيك» بالصالون الذي أظهر مستوى عال من خلال عرضه لمنتوج بجودة رفيعة يعتقد انه بإمكانه   أن ينافس المنتوج العالمي، ويمكن أن يصدر إلى أسواق خارجية لكنه اغتنم الفرصة ليطلب من المنتجين الجزائريين مراجعة الأسعار، حتى تكون الأسعار مدروسة ومنافسة، ولفت الانتباه أن مادة السيراميك المحلية تعد من أجود ما يوجد في الأسواق خاصة أنها أثارت اهتمام الأجانب.
أكد تومي على وفرة مواد البناء مثل الاسمنت والحصى بجميع أنواعه، لكن المشكل الوحيد المسجل بحسب تقديره في مجال البناء يتمثل في النقص في اليد العاملة وعدم احترام في بعض الأحيان آجال الإنجاز، وحتى بالنسبة للمشاريع التي تعكف على إنجازها مؤسسات أجنبية اعترف أن بعضها رغم أن الآجال قصيرة لكن يسجل عدم الإتقان، ويرى أن اليد العاملة الجزائرية أحسن من اليد العاملة الأجنبية، وقدر نسبة النقص في اليد العاملة بحوالي 70بالمائة، يجب مراجعة قانون العمل بهدف الاستفادة من اليد العاملة الأجنبية التي تمر من الجزائر  بصورة مؤقتة على غرار الأفارقة.
في حين فيلالي فتحي مدير مركزي بالمؤسسة الوطنية للحصى وتعتبر الشركة الأولى  وطنيا لأن طاقتها الانتاجية تصل إلى 9 ملايين طن على مستوى 9 وحدات كاملة، أوضح أنهم يغطون احتياجات سوق البناء والطرق والأشغال العمومية، وبالموازاة مع ذلك لديهم مواد أخرى يستخرجونها من الحجر الكلسي مثلا في مدينة الخروب ينتجون «كاربونات الكالسيوم» وتعد مادة تستعمل في عدة مجالات، ومن نفس الحجر تصنع لوحات للتزيين و»البوزولان»، حيث يحاولون الحصول على عقود مع مختلف الشركات، وبهذه الصناعة الجديدة للرخام يسهرون على تقليص حجم الاستيراد بفضل فريق عمل يضم 1100عامل، وفيما يتعلق بالتصدير لم يخف أن الصينيين بحاجة إلى صخور عملاقة، وكذا مادة «البوزولان» مطلوبة كثيرا في الاسواق الخارجية، لكن لا يوجد ميناء يمكن أن يصدر منه أي تتوفر فقط  البواخر الصغيرة، لكنهم في حاجة إلى ميناء يصل إلى 19 مترا ليصدر منه وبالتالي استقبال بواخر كبيرة الحجم، وتوفر هذه المؤسسة منتوجا يتمتع بالنوعية والجودة جعلته في الصدارة وسمحت له بتغطية السوق بنحو 15بالمائة، لأن الطلب الوطني، بحسب تقدير فيلالي يصل إلى 15مليون طن سنويا، ويضاف إلى كل ذلك فإن المؤسسة الوطنية للحصى تنتج مواد أولية أخرى مثل مادة»البوزولان» المستعمل في صناعة الاسمنت ويستعمل كذلك في مجال الفلاحة، علما أن الطاقة الإنتاجية في هذه المادة المطلوبة في الأسواق الخارجية كثيرا يصل إلى 700طن.