تعتبر الدكتورة خديجة باللودمو أن الشّعر هو نبض الحياة الأزلي؛ فلطالما كان جامع الملاحم والأساطير وديوان العرب وبوتقة تتجمّع فيها تواريخ الأمم وأحداثها. وإذا كان الشّعر سيّد اللغة الإبداعية ومحرّك سفنها في سابق عهده، فلقد عرف مؤخرا تراجعا جعله يرضى بالرتبة الثانية بعد الرّواية التي صبغت عصرنا هذا وصُنّفت سيّدة للحركة الأدبية الإبداعية، ولكن الشّعر يظل حاضرا بخصوصية روحه وموسيقاه ولغته وأخيلته وأفضليته، رغم أنه لا مفاضلة بين الأجناس الإبداعية في نهاية الأمر.
ترى الشاعرة خديجة باللودمو في حديثها لـ «الشعب» بأن الشعر يعاني –كبقية فنون القول - من عثرات العالم الرّقمي وعقباته ولكنه أيضا ينهل من منهله الغزير المتوافر، فالشّعر بكل أصنافه (فصيح / شعبي / وتارقي) يسير جنبا إلى جنب مع مختلف الفنون الإبداعية التي تحاول التموقع في هذا المد الرقمي الافتراضي.
تضيف المتحدثة بأنه يمكن القول أن حاله بخير ما دام يحاول أن يكون بخير، وأن يستعيد وهجه ويرفع عقيرته ليبلغ رسالته ويكسر النمطية التي جعلته يكون باهتا في المشهد الأدبي العام، ولهذا راح الشّعراء يجرّبون قوالب شعرية جديدة يحاولون من خلالها التماشي وإيقاع العصر المغاير تماما عن سابقه كقصائد الومضة وقصائد الهايكو والهايكو هايكو.
في سياق آخر، تطرّقت المستشار الثقافي بمديرية الثقافة بعاصمة الأهقار، إلى ما يعرف بأدب الهامش؛ الذي في غالب الحالات كان يُقصد به إبداع الأصوات المهمّشة التي تركن في أركان المشهد، ولا يصلها الضّوء الذي يسطع نحو المركز بشكل دائم. ولعل أدباء الجنوب والجزائر العميقة يُصنّفون في هذه الخانة المظلمة المهمّشة الباهتة، بكل أسف. فكم يحظى الجنوب والجزائر العميقة بأقلام شعرية شامخة سواء في العصور الأولى أو التي نعايش متغيراتها المعاصرة، بل إن الشّعر جنوبي بامتياز ومن دون شك أو تردّد وفي التاريخ مبررات كثيرة لهذا القول.
قلّة دور النّشر بالجنوب عائق كبير أمام شعراء المنطقة
في هذا الصدد، ترى المتحدّثة بأن حظ الشّعراء الجنوبيين قليلا من حيث الظهور الرسمي ولا سيما التدوين، حلهم كغيرهم في جزائرنا العميقة، فلا فرص حقيقية وبالأحرى يسيرة سهلة المنال للطبع والنشر فالتوزيع، يبقى هذا الأمر بالنسبة له تحدٍّ حقيقي وربما حاجز حاول القلّة كسره – مؤكّدة بأن حديثها يخص شعراء أقصى الجنوب تحديدا - ففي خزانتنا الشّعرية التامنغستية مثلا نجد مجموعات شعرية تكاد تُعدّ على أصابع اليد الواحدة.
في هذا الصدد، ترى المتحدثة بأن حظ الشّعراء الجنوبيين قليلا من حيث الظهور الرسمي ولا سيما التدوين، حلهم كغيرهم في جزائرنا العميقة، فلا فرص حقيقية وبالأحرى يسيرة سهلة المنال للطبع والنشر فالتوزيع، يبقى هذا الأمر بالنسبة له تحدٍّ حقيقي وربما حاجز حاول القلّة كسره، مؤكدة بأن حديثها يخص شعراء أقصى الجنوب تحديدا، ففي خزانتنا الشّعرية التامنغستية مثلا نجد مجموعات شعرية تكاد تُعدّ على أصابع اليد الواحدة، تبقى تنتظر النشر الذي يعد عائقا بسبب انعدام دور للنشر بالمنطقة من جهة، ومن جهة أخرى غلاء تكاليف النشر.
وفي سياق آخر، أكدت خديجة باللودمو على أهمية الملتقيات والتظاهرات لتحريك المشهد الشّعري بالدرجة الأولى، وللم شمل الشّعراء وبسط الرعاية على الشّعراء الناشئين الذين يتلهفون الفرص لخوض غمار الكتابة الشعرية، والظفر بفرصة إلقاء أمام الجمهور ليخرجوا بذلك نصوصهم من الكتابة الأولى إلى طور الكتابة الثانية، مؤمنين بأن الإلقاء هو كتابة ثانية للقصيدة، على غرار الأيام الشّعرية الأولى لتامنغست التي تميزت بحضور القامتين الشعريتين سليمان جوادي وعاشور فني، اللذان كان لحضورهما إضافة حقيقية بالمشهد الشعري التامنغستي، حيث أقبل الشّعراء من كل حدب وصوب للقائهما والنهل من تجربتهما الشعرية، وكان هذا نموذجا جميلا جدا، خاصة بعد أن توّج بتنصيب «مكتب بيت الشعر الجزائري بعاصمة الهقار»، الذي سيحمل على عاتقه دورا في خلق مشهد شعري محلي من أجل إعادة الشّعر بالولاية، ولعل الشّعراء التامنغستيين الذين شاركوا في محافل وطنية وعربية استطاعوا أن يكتسبوا خبرة وتواصلا مع بقية الشعراء، وظفروا بمناصب في مسابقات وطنية جعلتهم يكسرون القوقعة المفروضة في الذهنيات المختلفة عن أدب الجنوب والجزائر العميقة وأدبائها.