أعلنت رئيسة وزراء نيوزيلندا مقتل 49 شخصا على الأقل وإصابة العشرات بجروح بليغة في الهجومين الارهابيين على مسجدين خلال صلاة الجمعة، أمس، في كرايست تشيرش. قالت جاسيندا أرديرن «من الواضح أنه لا يمكن وصف ذلك إلا بهجوم إرهابي» وأضافت أنه «تم التخطيط بشكل جيد بحسب معلوماتنا» للعمليتين، مشيرة إلى «العثور على عبوتين ناسفتين مثبتتين على سيارتين مشبوهتين تم تفكيكهما». وأضافت «رفعنا مستوى الإنذار من متدنٍّ إلى عالٍ ... وعززنا رد وكالاتنا على الحدود وفي المطارات»، مؤكدة «لدينا مستوى رد مشدد على جميع المستويات».
توقيف ثلاثة رجال وتفكيك عبوات ناسفة
لم يعرف بعد عدد منفذي عمليتي إطلاق النار لكن أرديرن ذكرت توقيف ثلاثة رجال، فيما أفادت الشرطة عن تفكيك عبوات ناسفة يدوية الصنع.
في أستراليا، أعلن رئيس الوزراء سكوت موريسون أن أحد منفذي الهجومين مواطن أسترالي وصفه بأنه «إرهابي متطرف يميني عنيف».
وروى شهود أنهم رأوا جثثا مضرجة بالدماء، مشيرين إلى وجود أطفال بين القتلى.
المهاجم نقل الاعتداء عبر «فيسبوك لايف»
نشر أحد مهاجمي المسجدين في نيوزيلندا بياناً عنصرياً على تويتر، قبل أن ينقل مباشرة مقاطع من الاعتداء. وطلبت الشرطة من الناس عدم نشر المقاطع التي تحمل صورا مؤلمة للغاية والتي يظهر فيها المهاجم الارهابي وهو يطلق النار على مصلين من مسافة قريبة.
نشر «برينتون تارانت «المنفذ المفترض لهجوم المسجدين ، بيانا عبر الإنترنت، شرح فيه «دوافعه» للاعتداء الدموي ، وأقر فيه بأنه أقدم على الإجرام بدافع «الإرهاب». في البيان اعتبر تارانت أن تدفق المهاجرين على الدول الغربية يشكل أخطر تهديد لمجتمعاتها، ويرقى إلى ما وصفه بـ»الإبادة الجماعية للبيض»، وأن وقف الهجرة وإبعاد «الغزاة» المتواجدين على أراضيها ليس «مسألة رفاهية لشعوب هذه الدول، بل هو قضية بقاء ومصير».
عنوان البيان الذي نشره المهاجم هو «الاستبدال الكبير»، و يبدو مستوحى من نظرية للكاتب الفرنسي رونو كامو بشأن اندثار «الشعوب الأوروبية»، التي «تستَبدَل» بشعوب غير أوروبية مهاجرة. وباتت هذه النظرية منتشرة بشدة في أوساط اليمين المتطرف.
المهاجم منبهر بترامب
وفيما يتعلق بأهداف الهجوم، يؤكد تارانت أنه جاء من أجل «إقناع الغزاة بأن أراضينا لن تصبح لهم أبدا»، وانتقاما لـ»ملايين الأوروبيين الذين قتلهم الغزاة الأجانب عبر التاريخ وآلاف الأوروبيين الذين قضوا في هجمات إرهابية على الأراضي الأوروبية». أما الأهداف العملية، حسب تارانت، فهي تقليص الهجرة بترهيب «الغزاة» وترحيلهم، وإثارة رد فعل عنيف من «أعداء شعبي» كي يتعرضوا لمزيد من العنف في نهاية الأمر.
وحول اختيار نيوزيلندا موقعا لتنفيذ الهجوم، كتب تارانت أنه جاء للفت الأنظار إلى «حقيقة الاعتداء على حضارتنا»، التي ليست في مأمن من خطر المهاجرين حتى في «أبعد بقعة منها».
يؤكد تارانت أنه لا يشعر بالندم و»يتمنى فقط أن يستطيع قتل أكبر عدد ممكن من الغزاة والخونة أيضا»، وأنه «ليس هناك من بريء بين المستهدفين، لأن كل من يغزو أرض الغير يتحمل تبعات فعلته». ذكر تارانت أنه يدعم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب «كرمز للهوية البيضاء المتجددة والهدف المشترك» وليس بصفته السياسية.
يخبر المهاجم في النصّ أنه مولود في أستراليا من عائلة عادية ويبلغ من العمر 28 عاماً. وأعلن أن إحدى اللحظات التي دفعته إلى التطرف كانت هزيمة زعيمة اليمين المتطرف الفرنسي مارين لوبن في انتخابات 2017 الرئاسية، وهجوم بشاحنة في ستوكهولم في أفريل 2017 قتل فيه 5 أشخاص بينهم طفلة في الحادية عشرة من العمر.
تعزيزات أمنية حول المساجد
أصدر مسؤولون بريطانيون وفرنسيون، أمس، أوامر بتعزيز التواجد الأمني حول المساجد، على خلفية هجوم نيوزيلندا الإرهابي. وفي السياق، أعلن قائد الشرطة البريطانية لمكافحة الإرهاب، نيل باسو إنه تم «تعزيز الدوريات الأمنية حول جميع مساجد المملكة المتحدة»، على خلفية الهجوم ذاته. كما أشار إلى استعداد الضباط البريطانيين المكلفين بمكافحة الإرهاب، لمساعدة نظرائهم في نيوزيلندا، فيما يتعلق بالهجوم على المسجدين. من جهته، أمر وزير الداخلية الفرنسي، كريستوف كاستانيه، المسؤولين المحليين بتعزيز التواجد الأمني والرقابة على دور العبادة في جميع أنحاء البلاد.
غضب في البلدان الإسلامية
توالت الإدانات وردود الأفعال الدولية، ولا سيما في العالم العربي والإسلامي، بعد الهجومين الإرهابيين على مسجدين في مدينة كرايستشيرش، بجنوب نيوزيلندا.
من مصر حذر الأزهر من أن ما حدث «يشكل مؤشرا خطيرا على النتائج الوخيمة التي قد تترتب على تصاعد خطاب الكراهية ومعاداة الأجانب وانتشار ظاهرة الإسلاموفوبيا في العديد من بلدان أوروبا».
من السعودية أدانت وزارة الخارجية الإرهاب بكل أشكاله وصوره وأيا كان مصدره، وشدّدت على أن الإرهاب لا دين له ولا وطن. وقدمت دولة الإمارات تعازيها لأهالي وذوي ضحايا الهجوم، وأدانت خارجية قطر حادثة نيوزيلندا بأشد العبارات، وقدمت العزاء لأهالي وذوي الضحايا والشفاء للجرحى.
بدورها أدانت الخارجية الإيرانية بشدة الهجوم ووصفته بالعمل «العنصري والوحشي واللإنساني» وطالبت الحكومة النيوزيلندية بالتعرف على المهاجمين ومعاقبتهم.
من جهته، عبّر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في تغريدة على حسابه في تويتر عن حزنه للهجوم، طالبا الرحمة للذين قضوا فيه، متمنيا الشفاء العاجل للجرحى.
من جهتها أعربت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي عن تعازي المملكة المتحدة لنيوزيلندا، ودانت الخارجية البحرينية، بشدة إطلاق النار الذي استهدف مسجدين بنيوزيلاندا، واعتبرته «عملا إرهابيا جبانا».
استنكرت الحكومة الأردنية «المجزرة الإرھابیة» التي وقعت، أمس، في نیوزیلندا.
وأكدت موقفها «الرافض للإرھاب والاعتداء على الآمنین ودور العبادة، والاستھداف الغاشم والمتكرر للأبریاء الذي عد من أبشع صور الإرھاب» أشد عبارات الادانة و الاستنكار صدرت من إندونيسيا، و أفغانستان و باكستان.
كما أدان كل قادة دول العالم الهجوم الإرهاب بشدة، وعبر مواطنون عاديون عن فزعهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي من الفيديو الذي انتشر على نطاق واسع لرجل يطلق النار عشوائيا، على ما يبدو، من بندقية هجومية على مصلين داخل مسجد.