أكّد الفنان عبد الغني بن حريزة المختص في رسم الكاريكاتير، أن» فن الشارع اقتصر في العديد من المناطق بالجزائر سابقا على التصوير الفوتوغرافي أو رسم البورتريهات للمارة أو الكتابة و الرسم على الجدران، عكس اليوم، حيث تشهد الظاهرة تطورا كبيرا على غرار تواجد موسيقيين فنانين وعازفين منفردين يؤدون أغانيهم في الشاعر جاعلين من المارة جمهورا لهم، ورسامين يجسدون أعمالهم لوحات وجداريات هنا وهناك».
يرى صاحب الريشة الذهبية الفنان عبد الغني بن حريزة، أن فن الشارع بالجزائر مستنسخ من الدول الغربية وبالضبط أوروبا، ليكتسح شوارعنا وخاصة كبريات المدن الجزائرية كالعاصمة وهران قسنطينة...إلخ، معتبرا إياها ثورة جديدة ألقي بها في الشارع ليحتضنها الجمهور الذواق، فعوض أن يقتصر الفنان على إقامة معرض داخل قاعة ويغلق على نفسه في حيز مغلق عند استقبال الزوار معتمدا على ملصقات إشهارية قد يراها البعض ولا يراها البعض الآخر، قرّر أن يخرج للشارع مباشرة ويستقبل الزوار موسعا بذلك من طبيعة جمهوره، فيمر عليه الصغير والكبير المثقف والأمي الذين هم جمهوره.
وأشار بن حريزة إلى أن هذا النوع من الفن عبارة عن شجاعة مفرطة عند الفنان والذي يداعب سواء ريشته أو آلته الموسيقية يستمتع المارة بما يقدمه من عمل فني في النهاية يقدر ما شاهده ويمنح له مقابل رمزي، هذا التشجيع أيضا يكون معنويا عندما تجد الفنان منهمكا في عمله، وبجانبه عدد كبير من المشاهدين فمرات يصفقون ومرات يأخذون صور السيلفي، وهي كلها عوامل تشجيعية لهذا النوع من الفن، الذي يثري المشهد الثقافي ويزيد الشوارع الجزائرية جمالا.
وعن بداية هذا الفن بالجزائر، يؤكد ضيف «الشعب» بن حريزة، أنه بدأ بالرسم الاشهاري في تزيين المحلات ثم تطور ليحول الجدارن والطرق الجزائرية لمعرض فني في الهواء، حيث يستحسن غالبية المواطنين هذه المعارض ويرون فيها المتنفس، فالجمال جميل والفنان لا يمنح لجمهوره إلا ما هو جميل فكيف للمواطن أن يرفض الأشياء الجميلة، ففن الشارع يضيف بن حريزة لا يعترف بالقيود، ويحارب صخب المدينة ويُكون جيلا فنيا مثقفا، فالجزائري معروف بالانفتاح والحرية.
وحسب بن حريزة ففن الشارع لا يعتبر تمردا على المؤسسات الثقافية، فمن حق الفنان أن يرسم ما يشاء ومتى يشاء وفي أي مكان يشاء والشارع أصبح المتنفس الوحيد له خاصة مع العوائق التي تفرضها بعض المؤسسات على الراغبين في إقامة معارض مثلا، والتي لا تخدم حرية الفنان فمثلا حجز القاعة وتوقيت المعرض و.و.و.و، وفي الأخير تجد نفسك منطويا في زاوية بدون جمهور لأنه في الآونة الأخيرة حتى الجمهور هو الآخر تمرد ولا يحب الذهاب إلى القاعات بل يحب العفوية.
ويفصل بن حريزة في هذه النقطة بالحديث عن تجربته الشخصية خلال إقامته لمعارض في قاعات أصبح الجمهور يمر بها مرور الكرام عكس نشاطاته في الهواء الطلق، حيث يسجل إقبالا كبيرا للجمهور خاصة وانه يركز على الجانب الفني والإبداعي في رسوماته لأنها تحمل رسالة بعيدا عن الجانب التجاري في العملية، مستحضرا بدايته الفنية في ميدان الرسم، والتي كانت في تزيين المحلات التجارية ببلديته وادي الماء وما جاورها، مؤكدا أنه من أوائل الفنانين بالاوراس والجزائر الذين «غامروا» وقابلوا الجمهور وجها لوجه وفي الشارع.
كما أكّد الفنان المبدع بن حريزة أن للقاء الجمهور طعم خاص، مستدلا بتجربته الصيف الماضي في حديقة جرمة المائية أين أقام ورشة رسم لزوار الحديقة كل أمسية جمعة لاقت نجاحا منقطع النظير بعد الإقبال الكبير للزوار على رسوماته الميدانية والمباشرة التفاعلية، والتي لا تتعدى 15 دقيقة للوحة الواحدة.