الجزائر تدعم كل مبادرة تحقق استقلالية الإقتصاديات العربية
أكد رئيس مجلس الأمة، عبد القادر بن صالح، أمس، ببيروت، أن التكامل الاقتصادي العربي «هدف سام » ينبغي تحقيقه وضبط أولوياته باستغلال «أمثل» للقدرات التي يزخر بها الوطن العربي، مبرزا أهمية القيام بتشخيص مسار هذا التكامل «انطلاقا من رصد المستوى الذي بلغه هذا المشروع».
في كلمة له في القمة العربية 4 للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والذي يمثل فيها رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، قال السيد بن صالح «يبقى التكامل الاقتصادي بين الدول العربية هدفا ساميا ينبغي علينا تحقيقه وضبط أولوياته باستغلال أمثل للقدرات الهائلة التي يزخر بها وطننا العربي في إطار إرساء قواعد عملية لكل خطوة نخطوها»، مشيرا إلى أهمية «تشخيص مسار التكامل العربي انطلاقا من رصد المستوى الذي بلغه هذا المشروع، والعمل بالتدريج على تجسيد المراحل الجديدة التي يتحتم علينا الاتفاق عليها».
وشدد رئيس مجلس الأمة على «الإرادة المشتركة» للدول العربية في الدفع بالجانب الاقتصادي التنموي للأمام «وصولا إلى تأسيس فضاء اقتصادي وتجاري ناجح على شاكلة التكتلات الاقتصادية القائمة في العالم».
غير أن السيد بن صالح أكد أن تحقيق هذا الطموح «يبقى مرتبطا بمدى قدرتنا على تجاوز خلافاتنا والعمل على إعادة اللحمة بيننا من أجل تهيئة أرضية حقيقية لبناء صرح التكتل الاقتصادي العربي المنشود، والرامي إلى بلوغ «منظومة عربية اقتصادية جديدة» قوية وحاضرة على الساحة الإقليمية والدولية».
وتابع قائلا «إن تحقيق التطلعات التنموية في وطننا العربي اليوم هي غاية يجب أن نعمل جميعا على تحقيقها، غير أن ذلك يبقى مرهونا بمدى نجاحنا في مواجهة التهديدات التي تواجه منطقتنا ولاسيما تلك المتعلقة بمكافحة ظاهرة الإرهاب والتطرف العنيف بكل أشكاله، إيمانًا منا بأنه لا يمكن تصور تنمية دون أمن ولا أمن دون تنمية».
ولتحقيق هذا المبتغى، يرى بن صالح، أنه لابد «من بذل جهود خاصة لتوجيه استراتيجيات التنمية في منطقتنا وتصويبها نحو الإنسان العربي بما يتماشى واحتياجاته، والعمل في نفس الوقت على توجيه السياسات والبرامج الرامية إلى اجتثاث هذه الظاهرة المقيتة من خلال تكثيف الاستثمار في مجالات التربية والتعليم والتنمية المستدامة والمواطنة والعمل عبر مساعدة شبابنا وجعلهم طرفا فاعلاً في التنمية الاقتصادية والاجتماعية ليكونوا محورا أساسيا في عملية التطوير والبناء وتجنيبهم السقوط في براثن التطرف والإرهاب بمختلف أشكاله».
في نفس السياق، نوه رئيس مجلس الأمة بالاهتمام الذي حظي به موضوع تعزيز العمل المشترك بين قطاعي السياحة والثقافة، والذي من شأنه، كما قال، «المساهمة في التعريف بتراثنا الثقافي والحضاري العريق، ويساهم في تحقيق مردود اقتصادي معتبر يدعم مسار التنمية»، مضيفا أن هذا الأمر يدعو إلى «اعتماد إستراتيجية جريئة للقضاء على الفقر، والعناية بالطفولة وتأطير الأسرة العربية».
في هذا الإطار، أكد أن الجزائر «تدعم كل مبادرة ترمي إلى ترقية التعاون التجاري بين الدول العربية بما يسهم بالدفع بعجلة التنمية وتحقيق استقلالية الاقتصاديات العربية وتكاملها»..
وعلى صعيد آخر، لفت بن صالح إلى أن التنمية الزراعية في المنطقة العربية «أصبحت تعد هي الأخرى مطلبا ضروريا يتوجب منحها كافة الوسائل وصولاً إلى تحقيق التكامل والتبادل التجاري في نطاق المحاصيل الزراعية والنباتية والحيوانية».
وفي مجال الطاقة، شدد ممثل رئيس الجمهورية، على ضرورة تعزيز التشاور والتنسيق لضمان استقرار الأسواق والحفاظ على المصالح المشتركة والبحث في سبل التعاون والشراكة في مجال الطاقات المستدامة «بغية مواكبة تحديات الانتقال الطاقوي».
وفي إطار حرصها على الدفع بالعمل العربي الاقتصادي والاجتماعي المشترك، ذكر بن صالح بالمشروع الذي طرحته الجزائر وهو «الميثاق العربي الاسترشادي لتطوير قطاع المؤسسات المتوسطة والصغيرة والمتناهية الصغر»، حيث أضحت هذه المؤسسات «محورا هاما وفعالا في أغلب الاقتصاديات في العالم لما توفره من مناصب شغل فضلا عن مساهمتها في زيادة القيمة المضافة ورفع الناتج الداخلي الخام».
إشادة بإنجازات الجزائر تحت قيادة الرئيس بوتفليقة
وفي الجانب السياسي، أكد بن صالح أن «واقع الأزمات المحيطة بعالمنا العربي ينبغي ألاّ يثني عزيمتنا وأن لا ينال من إصرارنا على تسخير كافة قدراتنا لتحقيق التكامل التنموي المنشود، خاصة وأن دولنا تدرك اليوم أن التطورات في هذا العالم المترابط الصلات يشهد تحولات سريعة، يتعين علينا فيها ضرورة مواكبتها»، مضيفا أن الدول العربية «وبصفة متفاوتة، وحسب واقع كل واحدة منها، ووفق إمكانياتها وتجاربها الذاتية تعد اليوم عمليا منخرطة في عمل مشترك متواصل يرمي إلى إرساء تعاون وشراكة واندماج واسع».
وشدد على أن بلوغ هذا الهدف «يتطلب بالضرورة تنقية الأجواء العربية وإيجاد حلول سلمية لمختلف الأزمات القائمة بينها من خلال تفعيل التضامن العربي والانصراف نحو حل القضايا الجوهرية المصيرية التي تواجه أمتنا العربية».
وذكر بالمناسبة بـ»النتائج الجيدة» التي حققتها الجزائر في هذا الإطار تجلى في إنشاء أزيد من مليون مؤسسة أسهمت في خلق أكثر من 2.600.000 منصب شغل، 51% منها في قطاع الخدمات و 38% في قطاع الأشغال العمومية والبناء والري. كما تطرق رئيس مجلس الأمة في كلمته إلى ما حققته الجزائر من تقدم اقتصادي واجتماعي تحت قيادة رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، و الذي «انعكس بشكل ملحوظ على مختلف المؤشرات التي تبرز تطور حياة المواطن الجزائري».
في هذا الإطار، ذكر أن الجزائر كرست في قطاع التربية والتعليم مبدأ مجانية وإجبارية التعليم، حيث بلغت نسبة التمدرس بها 98،5% للأطفال في سن التمدرس.
أما بخصوص المرأة، أوضح بن صالح أن ترقية مشاركتها وتمثيلها وإدماجها في كل الميادين أصبحت «من صميم» الجهود التنموية في الجزائر، «حيث أتاحت هذه السياسة لأن تكون المرأة ممثلة في البرلمان الحالي بنسبة تفوق 25%، تحتل الجزائر فيها مراتب جد متقدمة عربيا وحتى عالميا».
وبالنسبة للصحة، قال إن الجزائر «تضمن الآن مجانية الصحة وهي تعمل على وضع استراتيجيات تهدف إلى تطوير أداء النظام الصحي مما يسمح بلوغ متوسط العمر فيها ما يتجاوز 77 سنة». وبخصوص الوصول إلى شبكات النقل وتوزيع المياه والكهرباء والغاز، أكد رئيس مجلس الأمة أن البرامج العديدة التي وضعتها الدولة «قد سمحت للجزائر في السنوات الأخيرة بتحقيق معدل يصل في مجال الربط بشبكة الكهرباء إلى 99%، وإيصال الغاز الطبيعي إلى أكثر من 53%، أما بالنسبة للربط بشبكة المياه الشروب فقد وصل إلى حد 98%».
من ضمن التوصيات الختامية
تاييد مقترح الجزائر حول ميثاق تطوير المؤسسات المصغرة
اختتمت القمة العربية الاقتصادية ببيروت بالمصادقة على جملة من التوصيات منها الموافقة على المقترح الجزائري حول انشاء ميثاق لتطوير المؤسسات المصغرة التي تعد ارضية لخلق الثروة والقيمة المضافة والعمل.
كما شددت القمة التي مثل فيها عبد القادر بن صالح رئيس الجمهورية على المبادرات والاستراتيجيات التنموية ذات الصلة بالأمن الغذائي والطاقة والقضاء على الفقر وحماية النساء والأطفال وتشغيل الشباب، والربط الكهربائي وتفعيل الاتحاد الجمركي واقامة سوق عربية حرة.
كما اكدت التوصيات أن المنطقة العربية تحتاج أكثر من اي وقت مضى إلى تعزيز مؤشرات تنميتها عبر إطلاق برامج تستهدف العنصر البشري وتسهم في تخفيض معدلات الفقر ومحاربة الهشاشة وحل معضلة البطالة التي تسجل أعلى نسبة لها ما يستدعي مضاعفة الجهود لحل هذا المشكل عبر صياغة برامج تستهدف الشباب وتسهم في إدماجه ضمن منظومات التنمية المحلية.