مواقع التواصل الاجتماعي تغلط الشباب بخطابات المجازفة والموت
200 قضيـــــة و344 شخص أمـام الجهـات القضائيــــــة خلال 2018
حذر وزير الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية نور الدين بدوي، من الدور السلبي لشبكات التواصل الاجتماعي في تحريك الهجرة السرية «الحرقة»، كما دعا من يعتلون بعض منابر الإعلام للتحريض عليها بخطاب التيئيس إلى الكف عن المتاجرة بأرواح الشباب، متوعدا بمحاربة أصحاب شبكات «تهريب الحراقة».
رافع الوزير نور الدين بدوي، في كلمة ألقاها لدى إشرافه على افتتاح أشغال منتدى وطني حول ظاهرة «الحرقة» بعنوان «مستقبل شبابنا... مسؤولية مشتركة» بقصر المؤتمرات امس بحضور مسؤولي مختلف القطاعات وممثل نائب وزير الدفاع الوطني قائد أركان الجيش الوطني الشعبي، وممثلي مختلف الأسلاك الأمنية والخبراء، لمقاربة شاملة ومتعددة الأبعاد والمستويات، مقرا بأن الجهود المبذولة من قبل السلطات العمومية غير كافية.
إنتشال 119 جثة وتسجيل 96 مفقودا
كشف المسؤول الأول عن قطاع الداخلية، أن تكثيف التحقيقات التي تمت على أساس تعليمات صارمة، أفضت إلى كشف خيوط مجموعة من شبكات تهريب الحرّاقة، نجم عنها فتح 200 قضية وتقديم 344 شخص أمام الجهات القضائية خلال 2018، صدرت في حق 24 منهم أحكام بالسجن النافذ.
وأشار في السياق إلى إحصاء 119 حالة انتشال عبر البحر في 2018، لافتا إلى أن كثيرا منهم لم ينطلقوا من الجزائر، بل حملتهم تيارات إلى شواطئها، فيما بلغ عدد المصرح بهم مفقودين بسبب الحرقة في ذات السنة 96 حالة.
وذكر بدوي أن عدد الذين تم إنقاذ أرواحهم في أعالي البحار ومنعهم من الأقدام على هذه المخاطرة ناهز 4 آلاف شاب.
وتوقف ذات المسؤول عند مسببات الظاهرة التي وصفها بالخطيرة، مستبعدا ارتباطها بالظروف الاقتصادية والاجتماعية غير المناسبة، بقدر ما يحركها طموح الشاب في مركز اجتماعي وتحقيق الربح السريع.
وحمل بدوي شبكات التواصل الاجتماعي مسؤولية تنامي الظاهرة، لافتا إلى الوعي بأثرها الكبير في «الترويج والتشهير وتغليط الشباب، بأكاذيب وقصص منسوجة وهمية تدفعهم لهذا المصير المجهول»، معتبرا إياها بأنها «الزاوية المظلمة»، التي تخفى عن الكثيرين، إذ باتت الفضاء المفضل للمهربين وتنظيم رحلات الموت لاصطياد ضحاياهم، كاشفا عن تحديد 51 صفحة.
وانتقد بدوي بشدة استغلال هذه الدعائم، للترويج «لأغاني شبابية يؤديها بعض أبنائنا، لا يدرك أصحابها خطورتها وحجم الضرر الذي ينجم عنها وكم من الأرواح تفقد بسببها»، مشددا على ضرورة التحلي «بالتعقل وروح المسؤولية، والإدراك بأن الفن بكل صوره هورسالة للحياة، للأمل، مسؤولة وواعية».
ولا يختلف الأمر بالنسبة لبدوي، عن أولئك الذين يعتلون منابر الإعلام للترويج لخطاب التيئيس ونشر الإحباط وقتل الأمل والتحريض حتى على الحرقة»، خطابات جوفاء - أضاف يقول - تبعث على المجازفة والموت، داعيا إياهم إلى الكف عن «المتاجرة بأرواح الشباب والعبث بمستقبلهم طمعا في مغانم معروفة».
ولم يفوت الوزير المناسبة، ليذكر بجهود الدولة والتحفيزات التي قدمتها الدولة، من خلال أجهزة التشغيل وتسهيل منح السكن الاجتماعي التي خصص 40 بالمائة منها لشباب يقل سنهم عن 35 سنة، وكذا اتخاذ ترتيبات منذ ظهور بوادرها بداية سنوات 2000، في إطار تنسيق حكومي متواصل، منبها إلى أن «عوامل متجددة ومتشابكة زادت من تعقيدها».
كما أثنى بدوي على جهود حرس السواحل والقوات البحرية ومختلف الأسلاك الأمنية، ودعا الشباب إلى استغلال الفرص المتاحة في إنجاز المشاريع الكبرى مثلما أوصى به رئيس الجمهورية.
استحداث مرصد وطني لإدماج الشباب
من جهته، قدم البروفيسور سيدي محمدي محمد الذي تطرق إلى البعد الاجتماعي للظاهرة، بعض الإحصائيات تفيد بأن عدد الحراقة ناهز 17500 في منطقة المتوسط، وأكثر من 6600 في أفريقيا في الفترة الممتدة بين 2014 و2018.
وتوقع الدكتور محمد صاحب ميزات، استفحال الظاهرة قياسا إلى عدة عوامل بينها التغير المناخي، واستنادا إليه فإن 32 بالمائة من الجزائريين يرغبون في الهجرة.
واقترح الخبير الدولي محند برقوق، وكذا الخبير الاقتصادي اسماعيل لالماس إنشاء مرصد وطني للحرقة وإدماج الشباب.
ومن المنتظر أن يتوج اللقاء بتوصيات تعرض مساء اليوم؛ تكلل أشغال الإرشاد الأربعة المتمحورة حول «نحن من أجل عمل وقائي مشترك: عمل تحسيسي واتصالي وفضاءات الانترنت «الإدماج الاجتماعي والاقتصادي»، والبرامج الثقافية والترفيهية للشباب بين الواقع والتطلعات»، و»تنظيمات المجتمع المدني ودورها في التكفل بالشباب.