عشرة أيام من التنافس بين 18 عرضا مسرحي من مختلف جهات الوطن للمشاركة في المهرجان الوطني للمسرح المحترف، عشرة أيام من المنافسة اختتمت الإثنين في آخر سهرة من 2018، وشهدت تتويج مسرحيات، كانت الأكثر حظّا بينها «بكالوريا» لمسرح مستغانم الجهوي، كما شهدت غياب أخرى، وهو ما أسال الكثير من الحبر لدى المسرحيين الذين اعتبروه تغييبا. ويبقى القول إن الطبعة المقبلة نهاية هذه السنة قد تشهد تغييرات جذرية.
عادت جائزة أحسن عرض مسرحي متكاملي الجائزة الكبرى للدورة الثالثة عشرة من المهرجان الوطني للمسرح المحترف، الذي احتضنه المسرح الوطني الجزائري من 22 إلى 31 ديسمبر الماضي، عادت إلى عرض «بكالوريا» لمسرح مستغانم الجهوي، ومن إخراج عز الدين عبار.
أما جائزة أحسن إخراج فعادت إلى أحمد خودي عن مسرحية «ماكبت» للمسرح الوطني (رشح لها أيضا مصطفى صفراوي وعز الدين عبار)، فيما عادت جائزة أحسن نص إلى إلياس مكراب من عن مسرحية «يوبا الثاني» لمسرح تيزي وزو الجهوي، (رشح لها أيضا عز الدين عبار وحسين مختار).
وعادت جائزة أحسن دور نسائي إلى منيرة روابحي فيسع عن دورها في «ماكبت» (رشح لها أيضا كل من عديلة سوالم وليلى بن عطية ولالة جوهرة)، أما جائزة أحسن دور رجالي فحظي بها لمحمد لحواس (رشح لها أيضا بشير ناصر وعبد النور يسعد وأحمد بن حال) عن مسرحية «سارق وخونة» لمسرح الجلفة الجهوي، هذه الأخيرة فازت أيضا بجائزة التحكيم.
وكانت جائزة أحسن سينوغرافيا من نصيب جمال بن يوسف عن مسرحية «حنين» لمسرح معسكر الجهوي (رشح لها أيضا براهيم ولد طاطة وحليم رحموني)، فيما رجعت جائزة أحسن موسيقى مناصفة إلى كل من جمال كالون من مسرح تيزي وزو ومحمد زامي من مسرح عنابة (رشح لها أيضا عبد القادر صوفي).
ميهوبي: المهرجان ناجح بكل المقاييس
قبل ذلك، كان وزير الثقافة عز الدين ميهوبي قد اعتبر بأن اختتام المهرجان هو «ختيم موسم ثقافي حيوي متنوع في كل المجالات»، مضيفا أن المسرح سجل حضوره بجيل جديد من المسرحيين الشباب، وهذه «العودة القوية» للمسرح تعززت بالجمهور القوي.
ورأى الوزير بأن العروض المسرحية امتازت بالجرأة، التي وإن كانت في بعض الأحيان زائدة، إلا أنها تبقى ميزة المسرح. وأشاد الوزير بالمناقشات التي تلت العروض المسرحية، وكذا بالمبدعين في الفن الرابع الذين اختاروا الانطلاق بالمسرح إلى آفاق أخرى.
واعتبر ميهوبي بأن هذه الدورة من المهرجان «ناجحة بكل المقاييس»، وأسست لجائزة مصطفى كاتب التي تمنى أن تتواصل، فالمسرحية تعيش بما يُكتب عنها من دراسات مسرحية.
كما رأى وزير الثقافة أن ما يُكتب في وسائل الإعلام مجرد عروض ووجهات نظر غير أكاديمية، مشيرا إلى أن المسرحيات فرضت نفسها في الإعلام.
لجنة التّحكيم: أغلبية العروض سقطت في فخ الاستسهال
تشكّلت لجنة التحكيم من الرئيس أحسن ثليلاني، والأعضاء نسرين بلحاج، محمد شرشال، جمال عبدلي وأرزقي العربي. وخلال تقديمها لمجموعة التوصيات والاقتراحات، اعتبرت لجنة التحكيم أن مستوى العروض تباين بين ضعيف ومتوسط وجيد، إضافة إلى سقوط الأغلبية في الاستسهال والعشوائية والتسرع في الإنتاج.
ومن الملاحظات الأخرى، ذكرت اللجنة افتقاد بعض الأعمال إلى الفكر والخيارات الجمالية غير واضحة، كما أن مسابقة الزمن للمشاركة فقط أنتج مسرحا بلا هوية، بالإضافة إلى لجوء بعض المسارح إلى إعادة إنتاج أعمال مسرحية قديمة دون مبرر لذلك، واستشهدت اللجنة بالمادة 7 من قانون المهرجان التي تشترط أن يكون العمل جديدا وتم إنتاجه في أقل من 12 شهرا.
كما لاحظت اللجنة اعتماد الإضحاك المجاني المبتذل للتحايل على الجهود وإضحاكه، وسطو بعض الفنانين على اختصاصات غيرهم دون أدنى تحكم في أدواتها (وهو ما قرأه مسرحيون على أنه غلق لأبواب الإبداع أمام الأقلام الجميلة من خارج المسرح)، كما اقترحت اللجنة تفعيل المادة 4 من النظام العام للمهرجان بتشكيل المحافظة للجنة معاينة واختيار العروض، وأن لا تكون مشاركة المسارح مشاركة آلية.
أما النقطة الأخيرة، والتي قال عضو اللجنة محمد شرشال إنها موجهة لوزير الثقافة، فتتعلق بتشجيع الأعمال المتوجة بإعطائها الأولوية في المشاركات الدولية. وهذه النقطة تذكرنا بدعوة مماثلة خلال لقاء جمع ميهوبي بالمسرحيين، وكان شرشال قد طالب حينها بأن تختار الوزارة الأعمال المسرحية التي تشارك في تظاهرات بالخارج وتمثل الجزائر، وهو ما رفضه الوزير حينها وقال إنه لا يمكن له فرض الرقابة على الجمعيات والتعاونيات المسرحية وعلى نشاطاتها. والسؤال المطروح هنا: ما هي هذه التظاهرات التي تقصدها لجنة التحكيم، التي يمكن للوزارة أن تختار فيها العروض الجزائرية المشاركة؟
يُذكر أنه من المعايير التي اعتمدها اللجنة الفرجة الشاملة والمتكاملة وتوظيف جميع أدوات المسرح (المسرح الشامل)، الجمع بين الفائدة والمتعة، ووضوح الرؤية الإخراجية، والبحث عن التجديد، والبحث عن سيميائية السينوغرافيا المتكاملة، وتحديد منهاج الممثلين في أدائهم، جودة الانسجام الجماعي والتناسق، وتشجيع النص الأصلي المؤلف، والبحث في ماهية وجمالية الموسيقى.
كلمات..لابد منها
لم يمرّ حفل الاختتام والكشف عن هوية الفائزين بمختلف الجوائز دون تسجيل الحضور لمجموعة من النقاط، وعلى سبيل المثال لوحظ عدم ذكر المسرحيات المترشحة لجائزة أحسن عرض متكامل، بينما ذكرت قائمة المترشحين للجوائز الأخرى، وفي ذلك شكل من أشكال التتويج والتنويه، وهو ما غاب عن أهم جائزة في المهرجان.
كما لوحظ غياب عروض مسرحية عن التتويج والترشيح معا، وهو ما اعتبره عدد من المسرحيين «تغييبا»، ولعل المثال الأبرز مسرحية «يا ليل» لمسرح قسنطينة الجهوي، التي لم تترشح لأي من الجوائز، وهو ما أثار استغراب عديد المسرحيين، منهم محمد فريد مهدي مخرج مسرحية «حنين» الذي كتب على حسابه الافتراضي: «ما حدث لعرض «يا ليل» للمسرح الجهوي قسنطينة غير معقول بتاتا»، وأضاف «كيف لهذا العمل الفني الذي شهد له المسرحيون بأصنافهم والجمهور بمختلف مستوياته بأنه عمل راق ومميز أن يخرج من المنافسة دون أدنى ترشيح؟». بالمقابل، لم يحصل عرض مسرح أم البواقي «تحصيل حاصل» في نسخته بالعربية على أي تتويج رغم أنه فاز بجائزة أحسن عرض في مهرجان المسرح الأمازيغي.
يحياوي: لجنة فنية لانتقاء عروض الطّبعة المقبلة
في تصريحه لـ «الشعب»، قال محمد يحياوي محافظ المهرجان ومدير المسرح الوطني الجزائري، إن المحافظة ستتخذ مجموعة من التدابير في الطبعة المقبلة، خاصة وأن لجنة التحكيم في توصياتها اعتمدت على القانون الداخلي الذي أقرته المحافظة في الدورة الماضية خصوصا فيما يتعلق بانتقاء العروض، «في هذه الدورة الثالثة عشر أعطينا الفرصة للمسارح حتى تشارك، ولكن ابتداءً من الدورة المقبلة ستكون عملية الاختيار صارمة، باعتماد لجنة لانتقاء العروض، وستتكون هذه اللجنة من محترفي المسرح الجزائري، من أشخاص يتمتعون بالثقة والنزاهة والإمكانيات الفنية اللازمة».
واعتبر يحياوي بأن دورة الفنانة صونيا كانت ناجحة، وتقدم بتشكراته للأسرة الإعلامية على مواكبتها الحدث، وللجمهور الذي أقبل بقوة على مختلف العروض، وأيضا لعمال المسرح الوطني، كما تقدم بمناسبة السنة الجديدة بأمنياته من أجل مشهد ثقافي أغنى إنتاجا وأرقى إبداعا.