لا تتخلّف عنابة كغيرها عن باقي ولايات الوطن لتكون في الموعد مع جمهورها لإحياء المشهد الثقافي بهذه الولاية، وإن لم يكن على كثرته، إلا أن ما تنظمه من مهرجانات ومعارض فنية، يمكن القول إنها تحفظ ماء وجه جوهرة الشرق بونة، ومسؤولي قطاع الثقافة بها.
ليس المقام للحديث هنا عن النقائص التي يعرفها المشهد الثقافي بعنابة، وإنما تسليط الضوء على ما احتضنته خلال سنة كاملة من نشاطات ثقافية وفنية، ليبقى «مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي» التظاهرة الحدث التي تحتضنها بونة، حيث من المنتظر أن تُنظم الطبعة الرابعة شهر أفريل من السنة المقبلة.
ويعرف المهرجان إقبالا لمحبي الفن السابع المتشوق للتعرف على ما تنتجه السينما الجزائرية والعالمية، من خلال العروض المتنوعة لعديد البلدان المشاركة من داخل الجزائر وخارجها ولقاءات مع مخرجيها، والتي تفتح لهم المجال للتعرف عليهم عن قرب وتبادل الخبرات فيما بين الفنانين والمخرجين الجزائريين ونظرائهم من مختلف جهات العالم، حيث يمكن القول بأن المهرجان تمكن من إخراج بونة من سباتها السينمائي، بدليل القاعات السينمائية المهجورة والمغلقة تقريبا على مدار السنة.
الكتاب والموسيقى في الموعد
ولقرّاء بونة نصيب فيما يتم إصداره من كتب على المستوى الوطني، من خلال الصالون الوطني لربيع الكتاب، حيث أن المميز في هذه التظاهرة هو تنظيم معرض في الهواء الطلق، بهدف تقريب الكتاب من القارئ، مسجلا إقبالا كبيرا لزواره الذين يتهافتون عليه باستمرار، والبحث عن ما يلبي نهمهم وشغفهم للمطالعة، على اعتبار أن الصالون يضم إصدارات في مختلف المجالات السياسية والاجتماعية والدينية وروايات توجهت بها مختلف دور النشر المشاركة للقارئ العنابي من مختلف الفئات والأعمار والمستويات.
وفي المجال الموسيقي دأبت عنابة على تنظيم «المهرجان الوطني للموسيقى والأغنية الحضرية»، والذي جاء هذه السنة في طبعته الـ 13، مجددا الموعد مع جمهوره الذي بات ينتظره كل سنة، محييا ليالي الشهر الفضيل من خلال نخبة من نجوم الطرب الأصيل من مختلف جهات الوطن، والذين يتعاقبون على ركح «عز الدين مجوبي» ممتعين الجمهور بوصلات موسيقية منوعة في طابع المالوف، الحوزي، الأندلسي والأغنية الشعبية..كما كان أيضا عشاق الموسيقى خلال 2018 على موعد مع «المهرجان الوطني 16 للمالوف حسان العنابي»، كتكريم لهذه القامة الموسيقية التي أثرت الساحة الفنية العنابية، حيث نشط المهرجان نخبة من كبار الفنانين وعديد الفريق الموسيقية.
أبو الفنون ينتعش..
يبدو أنّ الأطفال كان لهم النصيب الأوفر مما يقدم على ركح «عز الدين مجوبي» من عروض مسرحية، حيث شهدت بونة فعاليات «الربيع المسرحي للطفل العنابي»، وذلك في إطار العطلة الربيعية، أين استمتعت البراءة بعروض فنية أغلبها منتجة سنة 2018، ناهيك عن العروض المقدمة خصيصا لهذه الفئة في عطلة نهاية الأسبوع، حيث يعرف المسرح إقبالا كبيرا لها، ومع اختتام السنة تم تنظيم فعاليات «برنامج القافلة في خدمة مسرح الطفل» تحت شعار «من أجل مسرح هادف»، وتقريب الطفل من أبي الفنون بعروض تربوية قيمة.
وبالمقابل كان عشّاق المسرح مع بداية سنة 2018 على موعد مع الأيام المسرحية المغاربية، والتي جاءت تكريما لفقيد الفن الرابع عز الدين مجوبي، وعرض خاص لمسرحيته «الراحلة» و»امرأة بظل مكسور»، كما شهدت بونة منذ أيام الطبعة الثانية لتظاهرة «أيام عنابة للمسارح الجهوية» التي عرفت عروض منوعة من إنتاج مسارح جهوية على غرار مسرح العلمة، المسرح الوطني الجزائري ومسرح عز الدين مجوبي، حيث استمتع عشاق الفن الرابع خلال الفعالية الفنية بأحدث العروض، والتي جلبت إعجاب سكان الولاية من مختلف الفئات والأعمار، من خلال توافدهم المستمر على مسرح مجوبي.
وعروض فنية أخرى..
تظاهرات فنية أخرى شهدتها عنابة، لا سيما مع نهاية السنة الجارية، على غرار المعرض الوطني الأول للفنون الفوتوغرافية بمشاركة 15 ولاية، والذي عرف إقبالا منقطع النظير لأبناء المدينة، الذين وقفوا على إبداعات فنانين وهواة من الجزائر، فضلا عن تنظيم معرض آخر للفنون التشكيلية، إلا أن ما يعاب على الولاية هو قلة اللقاءات والملتقيات الأدبية، والتي اقتصرت على أعمال تعد على أصابع اليد الواحدة، منها يوم أدبي جهوي حول أعمال راحل الدكتور الأديب شريبط احمد شريبط والملتقى الوطني الثامن للمكتبات.. في انتظار ما ستسفر عنه سنة 2019 من انتعاش ثقافي وفني يرقى لمستوى ومكانة جوهرة الشرق بونة.