لأنه شريك اقتصادي مهم، أصبح في السنوات الأخيرة محل اهتمام السلطات الجزائرية لإنعاش السوق الاقتصادية باليد العاملة المؤهلة من خلال تقديم تخصصات متعددة تواكب عالم الشغل والتحولات الاقتصادية الحالية، فقطاع التكوين والتعليم المهنيين ما يزال يشكل حلقة أساسية في المعادلة الاقتصادية لدفع عجلة التنمية الوطنية، بعيدا عن الإتكالية على قطاع المحروقات والدخول في الإنتاج المثمر ذي القيمة المضافة عبر خلق مؤسسات صغيرة ومتوسطة والتركيز على المقاولاتية كونه بديلا للتنويع الاقتصادي، لهذا يقوم القطاع بتشجيع وترقية الشراكة بين التكوين المهني والقطاع الاقتصادي، من خلال هيئات تم استحداثها.
شهد دخول التكوين المهني لدورة سبتمبر 2018، فتح أربعين مؤسسة تكوينية جديدة من مجموع 1295 مؤسسة، وعرض 400 ألف منصب تكوين منها 120 ألف منصب تمهين مقارنة بالعام الماضي، بحيث تم زيادة 30 ألف منصب تكوين، مع برمجة 440 تخصص في التكوين المهني أي بزيادة 60 تخصص مقارنة مع عدد التخصصات المبرمجة في دخول سبتمبر 2017.
موازاة مع ذلك، عرفت دورة سبتمبر لهذه السنة إقبال كبير للشباب الراغب في القيام بتربصات على مستوى مراكز التكوين المهني، بحيث بلغ عدد المسجلين 323.188 مسجل مقارنة مع نفس الدخول من السنة الماضية الذي لم يتجاوز 250 ألف مسجل، ونشير هنا إلى أن تخصصات الفلاحة والصناعة والسياحة والفندقة وتكنولوجيات الإعلام والاتصال، البيئة ومهن المياه شهدت إقبالا للشباب بأزيد من 25.260 مترشح إلتحق بالتكوين في تخصصات الفلاحة، وأكثر من 53.200 شاب في تخصصات الصناعة، و44.640 شاب في تخصصات السياحة والفندقة وكذا أزيد من 39 ألف مترشح في تخصصات البناء والأشغال العمومية.
ويساهم التكوين في هذه التخصصات في مجهود الدولة لتطوير اقتصاد بديل للمحروقات يعتمد على القطاعات، التي حددتها الحكومة كأولوية والمتمثلة في الفلاحة، الصناعة، السياحة، وتكنولوجيات الإعلام والاتصال والرقمنة، كما يوفر القطاع اليد العاملة المؤهلة التي تضمن مستقبلا توسع هذه النشاطات.
تجدر الإشارة، إلى أن القطاع يستقبل سنويا أزيد من 700.000 متربص ومتمهن، إضافة إلى العمال المستفيدين من التكوين المتواصل، ويتكفل القطاع إلى جانب ذلك، بفئات اجتماعية عديدة منها المرأة الماكثة في البيت، ومن هم دون المستوى، إلى جانب الفئات ذوي الاحتياجات الخاصة، ...الخ.
وكل سنة، يسجل القطاع حوالي 270.000 متخرج بشهادة تمكنهم من ولوج عالم الشغل، علاوة على ذلك فإن المتخرجين من قطاع التكوين والتعليم المهنيين يجدون عملا بطريقة أسرع، وهو ما تؤكده إحصائيات الوكالة الوطنية للتشغيل، حيث يتم إدماج أكثر من 60 بالمائة من خريجي التكوين المهني، الذين يودعون طلبا لدى مصالح وكالة التشغيل في أقل من 06 أشهر.
مدونة وطنية تضم 23 شعبة مهنية و478 تخصص
تميزت سنة 2018، باستحداث مدونة وطنية جديدة للشعب المهنية والتخصصات حيث تتضمن 23 شعبة مهنية، أي أنه تم إضافة شعبة واحدة وقد تم إثراؤها ليصل عدد التخصصات فيها إلى 478 تخصصا، وقد بدأ العمل بالمدونة الوطنية الجديدة بداية من دخول التكوين المهني في دورة سبتمبر 2018، وهو ما سمح ببرمجة 440 تخصصا، مما وفر مجال اختيار واسع للشباب الذي سجلوا للتكوين هذه السنة.
وشملت المدونة أيضا، إعادة النظر في بعض البرامج البيداغوجية، بهدف تحيينها وجعلها أكثر ملاءمة مع التغيرات والتطورات التي تعرفها المهن خاصة تلك المستعملة للتكنولوجيا والتقنيات الجديدة، بحيث تسمح المدونة الجديدة بإعادة تكييف البرنامج الزمني للتكوين كي يصبح أكثر تناسقا مع متطلبات المتربص من حيث إعطائه الفرصة للقيام بالأبحاث، والتدرب على بعض التقنيات.
بالمقابل تم إعادة النظر في تنظيم مسار التعليم المهني، بسبب عزوف الشباب عن الالتحاق به في البداية، لغياب المعابر بين معاهد التعليم المهني والجامعي، فقد كان من المفترض أن تستقبل هياكل التعليم المهني، ما بين 30 إلى 40 بالمائة من الناجحين في شهادة التعليم الأساسي، الذين تم قبولهم في الطور التعليمي الإجباري، لكن الواقع كان غير ذلك، لهذا تم التفكير في هندسة جديدة للشهادات، وبعد المصادقة على التنظيم الجديد لمسار التعليم المهني من طرف مجلس الحكومة المشترك المنعقد في جويلية 2017، تم إعادة هيكلته بصفة تشمل مدة الدراسة، الشهادات المتوج بها، والحقوق المرافقة للإدماج المهني للمتخرجين.
وعرفت سنة 2018 قانونا جديدا خاصا بالتكوين عن طريق التمهين، بهدف ترقية التكوين عن طريق التمهين تشكل أولوية بالنسبة لمنظومة التكوين المهني، حيث يسمح القانون الجديد للمؤسسات الاقتصادية بتوظيف الممتهنين المتخرجين مباشرة، دون المرور بالإجراءات المعمول بها في مجال التشغيل، والسماح للمؤسسات العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري التابعة للجيش الوطني الشعبي والمؤسسات الأجنبية العاملة بالجزائر، من استقبال الممتهنين، وهذا ما يوسع من وعاء استقبال الممتهنين على مستوى القطاع الاقتصادي،
ويهدف تكوين معلمي التمهين في الجانب البيداغوجي، إلى بلوغ نسبة 60 % على الأقل من المسجلين لنيل شهادة، في نمط التكوين عن طريق التمهين في السنة التكوينية 2018-2019.
جهاز جديد للتصديق على الكفاءات المكتسبة عن طريق الخبرة
حددت الوزارة، شروط وكيفيات جديدة تخص الأشخاص الحائزين على كفاءات مهنية مكتسبة خارج هياكل التكوين ولا يملكون أية شهادة أوأية وثيقة رسمية أخرى تدل على ذلك، حيث تم وضع حيز التنفيذ أحكام جديدة تتعلق بالتصديق على كفاءات هؤلاء الأشخاص، الذين اكتسبوها عن طريق الخبرة، فهذا الجهاز يرمي إلى الاعتراف بكفاءات الأفراد بغية التصديق على تأهيلهم المهني، حيث يستفيد من هذا الجهاز العمال الأجراء، العمال الأحرار، طالبي العمل إلى جانب كل شخص يريد التصديق على خبرات اكتسبها مع مرور الزمن.
وبالمقابل تطورت الشراكة بين القطاعين، حيث تشمل حاليا 14 اتفاقية إطار بين وزارة التكوين والتعليم المهنيين و14 دائرة وزارية، مع توسيع دائرة التوافق إلى المستوى المحلي حيث تم التوقيع على 13.200 اتفاقية منذ سنة 2008، ومكنت هذه الاتفاقيات من بلورة الشراكة بين التكوين المهني والمؤسسات الاقتصادية، حيث يقرران معا كيفية اختيار التخصصات والبرامج البيداغوجية والأولويات التي يستوجب التكوين فيها.
وتطور مبدأ الشراكة بين قطاع التكوين المهني والاقتصاد الوطني، حيث تم تجسيد العديد من المشاريع التكوينية، بداية بإنشاء مراكز امتياز تكون في مهن مطلوبة بكثرة من طرف النسيج الصناعي، حيث توضع المؤسسة الاقتصادية في جوهر تسيير المؤسسة التكوينية .إلى جانب ذلك، تسعى الوزارة إلى استحداث مؤسسات امتياز أخرى، وبعضها قيد الإنشاء.