يمنح اتفاق خفض إنتاج النفط الذي توصلت إليه منظمة البلدان المصدرة للنفط وكبار المنتجين المستقلين، تتقدمهم روسيا، فرصة أخرى، لإعادة تنشيط مسار التحول الاقتصادي، الذي يبقى الخيار الناجع والضروري للإفلات من «مخالب» أزمة انهيار سعر البرميل.
لذلك يقع على عاتق المؤسسة الجزائرية في كل قطاعات النشاط الاقتصادي عبء انجاز هذا الهدف ليس كغاية بحد ذاتها، وإنما باعتباره الجسر الذي يمكن العبور منه إلى النمو الحقيقي، المنتج للثروة البديلة للذهب الأسود.
لقد أدرك الجميع مدى الخطر الذي يترتب عن تداعيات الصدمة المالية الخارجية، ومن ثمة أهمية المبادرة بالعمل على مختلف الجوانب المتعلقة بالخروج بسرعة وبأقل كلفة من دوامة التبعية للمحروقات.
هناك قطاعات عديدة تظهر مؤشرات ايجابية تعكس وجود طاقات كامنة يمكنها أن تقدم الإضافة، مثل الصناعة الصيدلانية التي جسدت جملة أهداف لها ثقلها في معادلة النمو. من أبرزها ارتفاع حصة الإنتاج المحلي الصيدلاني في السوق الجزائرية من 400 مليون سنة 2008 إلى 2 مليار دولار في 2017، اتساع النسيج الإنتاجي ودخول مرحلة التصدير. لقد حقق هذا الفرع نموا بحوالي 17 بالمائة في عشر سنوات وهو معدل لم يحققه أي قطاع غيره.
ليس خسارة أن تضخ موارد وتقدم مزايا مرافقة للمشاريع لما يعود ذلك بإنتاج قيمة مضافة وتحقيق جانب من الأهداف المسطرة في ورقة طريق الانتقال الاقتصادي، ومنها تقليص الاستيراد الذي يشكل التحدي الأكبر في المديين القريب والمتوسط، في ضوء التآكل الذي يعرفه احتياطي الصرف بالعملة الصعبة، نتيجة انكماش الإيرادات.
حقيقة يسجل ارتياح لنتائج اجتماعات «أوبك» وشركائها، غير انه لا ينبغي الوقوع مجدّدا في «وهم» توقع ارتفاع استثنائي لسعر البرميل، الذي يبقى تحت وطأة التطورات الجيواستراتيجية الدولية والإقليمية التي تؤثر في معادلة العرض والطلب، وإنما ينبغي الشروع في مواجهة الموقف ضمن التوجهات الجديدة للاقتصاد الوطني.
ومن أبرز تلك التوجهات مواصلة الاستثمار المنتج، ترشيد النفقات، الشراكة المحلية وفقا لمعيار الشفافية، مكافحة الفساد، الدفع بالكفاءات إلى مفاصل القرار، تنمية العلاقات بين المؤسسة والجامعات حول مشاريع ذات أهداف دقيقة وملاءمة التنظيم الإداري المحلي مع المتطلبات والخصوصيات الاقتصادية.