هناك من يحتكر الكتابة للطفل دون استحقاق
يحدثنا الكاتب المسرحي يوسف بعلوج، الفائز مؤخرا بجائزة الهيئة العربية للمسرح لأحسن نص موجه للطفل، يحدثنا عن رؤيته لمسرح الطفل عموما، ووضعه بالجزائر خصوصا. ويتساءل بعلوج في هذا الحوار عن سبب غياب الفن المسرحي عن مدارسنا، واقتصاره على تجارب تطوعية، مشيرا إلى أن معرفة نتائج هذا الغياب تستوجب بحثا معمقا من المتخصصين في البيداغوجيا وعلم الاجتماع.
«الشعب»: لطالما كان الكلام السائد، حين التطرّق إلى مسرح الطفل، هو عن مسألتيْ غياب النص وغياب المختصين.. ما رأيك في هذا القول؟
يوسف بعلوج: يتحدثون عن الغياب، ولا يتحدثون عن التغييب. كيف يجرؤ هؤلاء على الحديث في بلد يحصل فيه كاتب مثلي على 5 جوائز، ولا يُشرك في أي فعالية متعلقة بأدب الطفل لا كمنظم ولا كمُبَرمج في النشاطات؟ صحيح عدد أدباء الطفل في الجزائر قليل، وعدد من استطاعوا إثبات أنفسهم عربيا من خلال المسابقات الكبرى أقل، لكن هؤلاء أنفسهم يبقون خارج معادلة الشللية التي تحكم المشهد. في الجزائر أًصبح السائد ترويج وجود أزمة من طرف منتفعين يحتكرون الواجهة دون أي استحقاق.
سبق وأن قلت إن الأهم في نظرك هو الاشتغال على مشروع كتابة حقيقي طويل المدى، وهذا ما فعلته أنت على مدار سنوات في مجال أدب الطفل.. هل يمكن أن توضح هذه الفكرة أكثر؟
لا يزال البعض يقدمني في الحوارات والملتقيات كروائي وقاص. اشتغلت على مشروع روائي ولم أصدره، والحقيقة أني فزت بجائزتين في مجال القصة للكبار هما جائزة المهرجان الدولي للأدب وكتاب الشباب، وجائزة فنون وثقافة. هذا التقديم ليس خاطئا تماما لكنه منذ البداية كان مؤجلا بالنسبة لي إلى غاية إثبات نفسي في تخصص واحد، والتخصص الذي اخترته منذ البداية يتفاداه الكثيرون ويصفونه بالأصعب والأكثر تعقيدا. أدب الطفل عموما ومسرح الطفل بالخصوص يحتاج إلى الكثير من الاستثمار لتكريس اسم فيه. أظن أنني الآن وصلت إلى مرحلة أوصف فيها بالكاتب المتخصص في أدب الطفل، وأنا مستمر في هذا المجال مع استعدادي الكامل الآن لخوض تجارب كتابية أخرى.
أيّ النوعين أعمق أثرا في رأيك: مسرح الطفل للطفل أو مسرح الكبير للطفل؟
هذا سؤال صعب ومعقد، ولا أرى أني مخول للإجابة عنه أكثر من الجمهور المستهدف. رأيي الخاص أن الأمر مرتبط بخيارات إخراجية وإنتاجية، وغالبا يتم الاستعانة بممثلين محترفين لهم رصيد في الأعمال الموجهة للطفل، وهذا أمر أراه يعطي الأعمال الموجهة للطفل إمكانية أكبر للنجاح. تجارب الطفل للطفل غالبا تتركز في المسرح المدرسي، وهو مسرح محدود من زاوية نظر إنتاجية، ويعتمد بشكل أساسي على مجهودات شخصية.
ما هي الإضافة التي يمكن لمسرح الطفل تقديمها لمجال التربية والتعليم؟ وكيف ترى حضور مسرح الطفل في المدرسة الجزائرية، وهل تراهن منظومتنا التربوية عليه بالشكل المطلوب؟
ماذا لو قلبنا السؤال وقلنا: ما هي نتيجة غياب المسرح عن مجال التربية والتعليم؟ أسئلة كهذه تستوجب بحثا معمقا من المتخصصين في البيداغوجيا والسوسيولوجيا لمعرفة نتائج غياب الفن المسرحي عن المدرسة، واقتصاره على تجارب تطوعية. هذا مع العلم أن مسرح الطفل في الجزائر يحظى بإقبال جيد في القاعات. هل ضيعت المدرسة الجزائرية على نفسها أداة لغرس قيم أفضل في جيل أصبح العنف المدرسي فيها ظاهرة نسمع عنها بشكل دوري؟ المسؤول الأول عن الإجابة عن هذا الخيار هي وزيرة التربية والتعليم ومستشاروها.
هل يمكن لأي معلم الإشراف على الأنشطة المسرحية، أم أن ذلك يتطلّب مهارات وتكوينا معينا؟ وإذا كان الأمر كذلك، ألن يقف هذا حاجزا في وجه تعميم مسرح الطفل في مدارسنا؟
لا يمكن أن نكون ضد الاجتهادات الفردية، لكن التكوين أيضا مهم. من حق أي أستاذ أن يقود تلاميذه إلى تجربة مسرحية مدرسية، لكن الأفضل أن تكون مدروسة، وفيها وعي ولو بسيط بأدوات المسرح. التكوين غالبا يتمّ في مهرجانات خاصة بالمسرح المدرسي، كما أن حضور العروض المحترفة في إطار زيارات منظمة للمدارس له دور أساسي في أخذ فكرة أفضل عن شكل المسرح الحقيقي وإمكاناته.