قدّم الوزير الأول أحمد أويحىي عديد التوجيهات إلى ولاة الجمهورية ولكن كذلك للوزراء، تصبّ في مجملها، جعل انشغالات المواطنين أولوية، داعيا إلى “وضع برنامج لحاجياتهم داخل الولاية”، التي ذكر منها تجهيز المستشفيات وتهيئة الطرق دونما إغفال إشكالية “الأمن العام”، كما دعاهم إلى الترويج للاستثمار الاقليمي، ووضع تقديم تسهيلات إلى الشباب، وتوقّف بالمناسبة عند أهمية “الاتصال المؤسساتي”، في وقت أصبح فيه، “المواطن فريسة أمام الترويج ومحاولات المساس باستقرار البلاد”.
حرص الوزير الأول على أن يستهل الكلمة التي ألقاها لدى إشرافه مساء الخميس على اختتام أشغال ندوة الحكومة ـ الولاة بقصر الأمم بنادي الصنوبر، بالتأكيد أن “رسالة رئيس الجمهورية تعتبر بمثابة برنامج، يقع على الحكومة والولاة إطارات الدولة السهر على تنفيذ وتجسيد محتواها ومغزاها”.
التسيير الجزئي بالاقتراض يتوقف سنة 2022
وقال في كلام وجّهه للولاة “القانون جعل منهم ممثلي الحكومة ميدانيا”، وأن “الحكومة تنظر إليهم كممثلي ومجسدي الدولة ميدانيا، ومسؤولين على تنفيذ البرامج التنموية، وكذلك على مواجهة مطالب المواطنين، ومسؤولين أيضا على تسيير الأوضاع والأزمات المنجرّة عن الكوارث الطبيعية أو عن اضطرابات اجتماعية”ـ ما يجعلكم ـ استطرد ـ “محل تقدير وتنويه من قبل الحكومة وطرف نزف له دوما الدعم الكامل في أداء المهمة”.
والتزم الوزير الأول، بدراسة كل ما جاء في التوصيات والتقارير المنبثقة عن الورشات في مجالس وزارية مشتركة، لاستغلال هذه الاقتراحات في تسيير شؤون البلاد، لافتا إلى أن بعض المحاور التي تناولتها كانت محل دراسة من الحكومة قبل عدة أشهر على غرار تعزيز اللامركزية، وورشة رقمنة الإدارة محليا ووطنيا، وضبط النسيج الاتصالي بين كل القطاعات والمستويات.
وتوقف أحمد أويحىي عند ملاحظات بوبّها 3محاور تصدرها الوضع المالي للبلاد، لما ينجر عنه من ضرورة ترشيد عمل الدولة وطنيا ومحليا، ودونما الخوض في كل التفاصيل ذكر بأن الدولة ومنذ العام 2017 تسير جزئيا بالاقتراض، مذكرا بوجوب تسديد الاقتراض في يوم من الأيام، وبأن الأخير الذي يتمّ من قبل الخزينة العمومية لدى البنك المركزي سيتوقف في العام 2022 طبقا للقانون الذي صادق عليه البرلمان السنة الماضية.
500 مليار دج منها رصدت لإعادة التقييم
وضع يفرض على الجميع وفق توضيحات المسؤول الأول على الجهاز التنفيذي، إدخال بعض الإصلاحات في تسيير شؤون الدولة بما في ذلك سياسة الدعم الاجتماعي، ورشات كلها في طور الانجاز حاليا لكي نصل ـ أضاف يقول ـ إلى اصلاحات مقبولة على مستوى المجتمع، والى اصلاحات لم تأت بشلل الوتيرة الاقتصادية.
وإلى ذلك تحدّث عن ضرورة إقرار اصلاحات أخرى تتطلّب فقط إعادة النظر على مستوى التسيير المركزي والتسيير المحلي، مشيرا إلى خمس حالات أولها تهم القطاعات الوزارية والولاة والإدارة المحلية، ممثلي في وجوب التحكم في البرنامج الحالي للتنمية، الذي يحتوي حاليا على 13 ألف و500 مليار دج، واصفا اياه بـ«الضخم”، الذي سجل على مدى سنوات تأخرا استلزم القيام بتقييم، مستدلا بمثال عن قانون المالية لسنة 2019، المصادق عليه من قبل البرلمان الأربعاء، تضمن اعتمادات تسيير تقارب 2600 مليار دج 500 مليار دج منها رصدت لإعادة التقييم.
وخلص الى القول في السياق، اذا “أردنا التحكم في أوضاعنا المالية، ونرقي ترشيد النفقات”، شدّد في توصية وجهها الى الوزراء والولاة على حدّ سواء على ضرورة الاكتفاء حاليا بتطبيق ما هو مسجّل مع الحرص أن يتمّ بوتيرة حسنة قدر الامكان.
أما التوجيه الثاني فيخصّ التكفل بصيانة المرافق التي تم انجازها، لاسيما وأن البرامج الخماسية الأربعة لرئيس الجمهورية تكفلت بتحسين وتوفير الهياكل والبنى التحتية إلى حد بعيد، تضاف إلى ما هو مبرمج في البرنامج الساري، وذكر مثالا عن المستشفيات التي تنتظر تجهيزات وكذلك الشأن بالنسبة لعديد المرافق بالقطاعات الأخرى، جهد قليل ـ حسبه ـ يؤدي الى تحسين استغلال المرافق للوصول إلى الاستجابة إلى تطلعات المواطن، الذي يعتبر الشغل الشاغل للدولة الجزائرية وطنيا أو محليا.
كلمة الوزير الأول عكست الاهتمام الكبير والإصغاء إلى أبسط انشغالات المواطنين، اذ حث الولاة باعتبارهم يسيرون حكومات شبه مصغرة، على “وضع برنامج للحاجيات التي تهمّ المواطن داخل الولاية”، مفضلا لغة الصراحة التي تقتضي التساءل حول عدد المسالك البلدية والطرقات الولائية التي ضاعت جراء قلة المداخيل”، ذلك أن الطريق السيار أنجز وكذلك الطرق الكبرى التي تربط بينه وبين الولايات، من باب استكمال الصورة الكبيرة للتنمية التي تقوم بها الدولة.
وبعدما أشار إلى أن التقارير كلها تتضمن مبالغ تعد بالملايير، أكد ضرورة العد الملايين مع التكفل بحاجيات المواطن، التي تقع في قلب اهتمامات وتوجيهات رئيس الجمهورية، ومن هذا المنطلق تم رفع اعتمادات البرامج البلدية من 60 إلى 100 مليار دج.
ويتمحور التوجيه الرابع، حول التنمية في المناطق الجنوبية وفي ولايات الهضاب العليا، والولايات الواقعة على الشريط الحدودي، التي لها قسطها من البرنامج الوطني للتنمية، لكن ـ أضاف أويحيى، على “الحدود لنا رهانات إستراتيجية، وفي الجنوب والهضاب علينا مواجهة ومواكبة تحديات الطبيعة”، مطالبا الولاة بتقديم “برامج معقولة تكمّل التنمية، وتستجيب لحاجيات المواطن في القرى والواحات”.
فتح ملف مراجعة كل الصفقات بعد تراجع الأسعار
ودعا المسؤول الأول على الجهاز التنفيذي الولاة في توجيه أخير، إلى فتح ملف مراجعة كل الصفقات استنادا إلى بنود قانون الصفقات، ذلك أن سعر الاسمنت انخفض من 1000 إلى 400 دج، وكذلك الشأن بالنسبة لسعر الحديد الخرساني، لكن بالمقابل سعر الصفقات العمومية، برعاية المقاولين الذين عاشوا نهاية العام 2018 ومطلع السنة الجارية، بسبب عدم تسديد المستحقات التي كانت الدولة غير قادرة على دفعها، لحظات صعبة يقتنع فيها الجميع على الأقل بأن الظروف صعبة على الجميع الحكومة والدولة والمقاولين والعمال، ما يحتم التضامن في رعاية المال العام، وتوفير مليون أو 10 مليون دج في صفقة يمكن إنفاقه في صفقة أخرى لفائدة المواطنين.
المحور الثاني الذي توقّف عنده أويحيى بعد الوضع المالي تمثل في الأولوية التي تمنح لترقية التنمية الاقتصادية المحلية، سجل انخفاضا في المداخيل المالية للدولة، التي تقتضي ترقية الاستثمار في إطار تطبيق سياسة اللامركزية عملا بتوجيهات رئيس الجمهورية، وتم من خلالها تحويل الملف من المستوى المركزي إلى الولائي، من باب أنه لكل وال إدارة محلية تتكفل بكل القطاعات، كما أنه يكون شديد الحرص على المشاريع الموجودة في إقليم ولايته، موازاة مع المتابعة المركزية لكل الملفات.
وذكر بالمناسبة بسلسلة القرارات التي اتخذتها الحكومة تكريسا للامركزية، بتعزيز سلطة قرارات الولاة، ذكر منها قرار المصادقة على كل مشروع استثماري في حدود 10 مليار دج، وكذا ملف تسيير العقار ومنح الامتيازات العقارية للمصنع، وكذلك المناطق السياحية، ومكتب للوكالة الوطنية للاستثمار معزز بالشباك الوحيد، ومسؤولية ترقية 50 منطقة صناعية عبر كل الولايات، بما يقدر بـ 100 مليار دج”، و«سندعمكم كلما كان طلب على المزيد من المناطق الاستثمارية ومناطق النشاط الصناعي”.
8 آلاف مشروع خلال 18 شهرا الأخيرة
عليكم بالترويج للقدرات الاقتصادية للولاية في كل إقليم، وعليكم أيضا زعزعة البيروقراطية مذكرا أن الولاية شبه حكومة محلية، الأمر الذي يتوجّب منافسة بين الولايات في جلب الاستثمارات، للوصول إلى خارطة الاستثمار، مطمئنا بأن الجزائر تشهد استثمارات مسجلة أكثر من 8 آلاف مشروع خلال 18 شهرا الأخيرة عبر التراب الوطني وصلت إلى تندوف واليزي، وبخصوص التحفيزات التي طالب بها الولاة أكد أن الدولة ستمنحها، لكنه أكد ضرورة استغلال الإمكانيات الحالية، مذكرا بأنه لا يوجد أي دولة تمنح تحفيزات تصل إلى 10 سنوات.
ولدى تطرّقه إلى المحور الثالث، ممثلا في مواجهة التحديات المنجرة عن التزايد القوي للساكنة في بلادنا، إذ تسجل زيادة سنوية لا تقل عن مليون نسمة، وكمسيرين تقع علينا تحديات تتعلق أساسا بضمان التمدرس، مقرا بالمعاناة خلال السنوات الأخير من انعكاسات تجميد البرامج ومن كثافة الطلب، متوقعا سنة صعبة في 2019.
وفي السياق دعاهم إلى الحرص على التدابير التي اتخذتها الحكومة كأولوية، في مقدمتها منع بناء أي حي سكني جديد دون مرافق، الثاني يخص الاستمرار في رفع التجميد عن الهياكل المدرسية، ايلاء المزيد من العناية لورشات بناء المدارس، وطلب منهم تقديم تصور استشرافي حول المسألة، إذ من غير المقبول وجود أقسام بها ما يفوق 30 تلميذا.
والرهان الثاني في هذا المحور، يتعلّق بقضية تشغيل الشباب المكون، مذكرا بالتدابير في إشارة منه إلى المؤسسات المصغرة، والاستثمار في المجال الفلاحي، وأنتم كهيئة حكومية محلية ـ استطرد ـ يعود لكم شرح وتوعية الشباب بكل الإمكانيات الموجودة، وكذلك فسح المجال أمامهم بفتح المجال أمامهم، باتخاذ إجراءات، ذكر منها على سبيل المثال جعل منح الصفقات بـ 12 مليون دج للمؤسسات المصغرة، وفق ما يخوله قانون الصفقات العمومية واقعا، وطلب منهم تخصيص بعض البنايات والمرافق من المناطق الصناعية والنشاط الاستثماري للشباب، وتشجيعهم في قطاع الفلاحة، وكذا مبادرة الحكومة بتفويض الخدمة العمومية، مستدلا بأمثلة حية المسابح والمكتبات البلدية المغلقة.
فسح المجال أمام مستثمري الترقية العقارية
زيادة الكثافة السكانية، يتم مواجهتها أيضا بالسكن الذي حققت فيه الجزائر أرقاما قياسية، بإنجاز 4 ملايين وحدة سكانية في غضون 20 سنة، تضاف إليها قرابة مليون وحدة في طور الانجاز، مشددا على نظرة متجددة بترقية السكن الريفي، لاسيما وأن 70 بالمائة من الساكنة في المدن، وبفسح المجال أمام مستثمري الترقية العقارية الذي تعكف على دراسته وزارة السكن. وقال مخاطبا الولاة “يرجى منكم ميدانيا ونفسيا بمعاملتهم تماما كمعاملة المؤسسات العمومية”، وذلك بدفتر شروط وتسهيلات وسعر يكون مقبولا و في متناول شريحة ما من المجتمع.
الأمن العام ضعيف.. ولا يمكن استمرار الفوضى
ونبّه إلى ضرورة مراعاة الجانب العمراني، واختتم مداخلته بتعليقين يخص الأول الأمن العام، في إشارة إلى حروب العصابات التي تقع بالأحياء الجديدة، مقرا بأنه “ضعيف” داعيا إياهم بأن يكونوا الخط الأول لهذا التحدي على جناحين التوعية بالاعتماد على الحركة الجمعوية، لافتا إلى أن الأسلاك الأمنية من شرطة ودرك وطني متوفرة بالعدد الكافي والتكوين الضروري، بفضل قرار رئيس الجمهورية، وبالقانون لأنه لا يمكن استمرار تفشي الفوضى.
الاتصال المؤسساتي، اليوم المواطن أصبح فريسة أمام الترويج ومحاولات المساس باستقرار البلاد، الشبكات الاجتماعية تروج لكل شيء، فيما لا يوجد أثر للانجازات والأمور الايجابية المحققة، التي لا تواجه إلا بتوفير المعلومة من مصدر رسمي، والرد الفوري على الإشاعات من خلال وسائل الإعلام، لاسيما الإذاعات المحلية.