هي واحدة من الجزائريات اللواتي لم تهزمهن الحياة واستطعن من خلال مسيرتهن إثبات وجودهن كوجه نسوي لا يرضى بالهامش، كريمة نكاع مسؤولة العلاقات مع الصحافة بالوكالة الخاصة «انترفاس ميديا» قلبت صفحات كتاب مسيرتها كامرأة عنوانها الوحيد التفاني والصدق في العمل.
لا يمكن معرفة سرّ الشخصية القوية التي تملكها كريمة نكاع دون المرور على مرحلة الطفولة التي كان لها أثر كبير في بناء شخصيتها المنفتحة على الآخر بعيدا عن استحقار أياً كان مهما كانت المهمة التي يؤديها، لأن معادلة المجتمع لا تكتمل الا بتضافر الجميع.
كريمة الطفلة.. أحمد بجاوي والصحافة
بسبب عمل الوالد، كانت كريمة نكاع الطفلة كثيرة الترحال، الأمر الذي منحها الفرصة للتعرف على الثراء في الثقافة الجزائرية عبر مختلف مناطقها، «كريمة» الطفلة تميزت بالهدوء والسكينة.. خيالها الواسع جعلها طفلة حالمة تعيش في عالمها الخاص من الأحلام، ورغم صغر سنها الا انها عشقت السينما التي لخصتها في شخصية أحمد بجاوي فكانت من المتتبعين الأوفياء للحصة الاذاعية «متحف السينما»، اما حصة «نافذة على التاريخ» فكانت تعطيها متعة وسعادة عند الاستماع اليها، حبها للمطالعة باللغتين انعكس إيجابا على تكوين طفلة تملك من الثراء اللغوي الشيء الكثير.
استطاعت كريمة نكاع النجاح في مختلف الأطوار الدراسية حتى نجاحها في اجتياز امتحان شهادة البكالوريا، وهنا كان لأحمد بجاوي الأثر الأكبر في اختيارها لتخصّصها الجامعي، فقد فضلت عالم الصحافة أين كان أحد أساتذة طلابها، وبالفعل التحقت بمقاعد الجامعة تخصص سمعي - بصري وهناك أثبتت جدارتها في هذا المجال الذي يحتاج الى شخصية وحضور قويين للتعامل مع المتلقي سواء كان مشاهدا أو مستمعا.
لأنها تؤمن أن الميدان هو كالماء للسمكة بالنسبة للصحفي، عملت لما يقارب لأربع سنوات فترة التسعينيات في الصحافة المكتوبة ولكن وبسبب نقص المرافقة التأطير غيرت اهتماها الى مجال غير بعيد عن عالم الإعلام والاتصال.
«انترفاس ميديا».. الاحترافية
بعد لحظة فراغ رتبت فيها أوراقها، كانت لـكريمة نكاع تجربة وصفتها جيدة مع وكالة الاتصال «سينابس» تحت اشراف الكاتب الصحفي عبد الكريم جعّاد الذي منحها الفرصة للتعرف أكثر على عالم الاعلام من خلال العقود التي كانت تربط الوكالة مع مختلف الشركات كالشركة الوطنية للسكك الحديدية، الخطوط الجوية الجزائرية، أين كانت كريمة رفقة الفريق الذي تعمل معه على إعداد أشرطة وثائقية ووقفات اشهارية للشركات المتعاقدة مع الوكالة وغالبا ما تكون رئيسة مشروع ما أعطاها تجربة ميدانية حقيقية وثرية زادت من كفاءتها المهنية.
تجربتها الثانية كانت مع الشركة متعدّدة الجنسيات «ميشلان» أين تكفلت بالاتصال الخارجي للشركة (الصحافة ومختلف الوسائل الإعلامية) والاتصال الداخلي أي مع عمال الشركة، لتكون «أوراسكوم» وجهتها التالية أين عملت مع مؤسسة خاصة للثابت «لكم» التابعة لـ «أوراسكوم»، ولكن بعد المشاكل التي واجهتها انسحبت هذه الشركة من السوق الجزائرية، لتلتحق في 2010، بالوكالة الخاصة «انتر- فاس ميديا» للقاضي احسان والتي كانت تملك مواقع الكترونية كموقع «ماغراب -ايماغ» المهتم بالشأن الاقتصادي و»راديو- واب» والنسخة الجزائرية للموقع الأمريكي «اوفينغتون الجزائر»، الى جانب مصالح أخرى كمصلحة خاصة بالمؤسسات والجهات المعنية تهتم بتنظيم المؤتمرات والصالونات والندوات الصحفية اين تلعب دور الوسيط او همزة وصل بين الجهة المنظمة ومختلف الوسائل العلمية، الى جانب الاستشارة وحل مشاكل العمال مع المؤسسات التي يعملون داخلها بالتدخل كوسيط للصلح بينهما.
عملها في وكالة «انترفاس ميديا» كمسؤولة العلاقات مع الصحافة جعلها دائمة البحث عن التجدد في معارفها ومعلوماتها ما أعطاها القدرة في التعامل مع مختلف الوسائل الإعلامية على تنوع تخصصاتها، فكانت دائمة الحرص على احترام المتبادل دون انتقاص أو استصغار لأي عنوان أو صحفي.
لا تقبل إلا بالقمة
عن المرأة قالت نكاع انها يجب ان تكون في مستوى تلك السيدات اللاتي حاربن من اجل تحرير الجزائر، وتلك اللواتي حملن على عاتقهن مهمة تربية أجيال كاملة بعد الاستقلال، فلا يجب ام تختزل المرأة نفسها في قنوات الطبخ فالمرأة الماكثة بالبيت أو العاملة أو الإطار أو المسؤولة كلهن عليهن ان يضعن اليد باليد لتحقيق رقي وتطوّر المرأة كطرف مهم في بناء مجتمع سوي خلاق وبناء، فالملاحظ اليوم أن الجزائريات قبلن الرداءة بعدم المحاولة للوصول الى القمة كل واحدة في المجال الموجودة فيه، ولن يكون ذلك الا بالعمل المتفاني والصادق الذي تعطي فيه المرأة كل ما تملكه من قدرات وكفاءة سواء كانت ربة بيت أو عاملة.
يجب الا تستسلم لنظرة الاستصغار والاحتقار التي تجدها عند البعض، عليها أن تملك القوة الكافية لقول «لا» أو «نعم» متى اقتضت الضرورة بعيدا عن أي ضغط او استغلال، يجب أن تكون واعية بالمهمة الملقاة على عاتقها في تربية جيل يحترم المرأة كعضو فاعل ومؤثر في المجتمع.