مسعى التحكم في الإنفاق العام متواصل
أفاد وزير المالية عبد الرحمان راوية، بأن هذه المستويات من الإيرادات والنفقات المتضمنة في مشروع قانون المالية لسنة 2019، ستؤدي إلى عجز في الخزينة، حيث أن تمويل عجز الخزينة بين 2019 و2021 سيعترضه نوع من الضغط، بالرغم من اللجوء إلى التمويل غير المصرفي (غير التقليدي) والاقتطاع من صندوق ضبط الإيرادات خلال كامل الفترة.
أبرز راوية، أمس، خلال عرضه مشروع قانون المالية 2019 على أعضاء مجلس الأمة، أن الاخير يشكل استمرارا لجهود وسعي السلطات العمومية، من خلال السياسات العامة المستهدفة، إلى مواصلة تنفيذ البرنامج الاقتصادي والاجتماعي المسطر عبر الاستعمال الرشيد والفعال لموارد الدولة.
قال راوية، انه نظرا للتطور الحاصل في المحيط الوطني والدولي خلال السداسي الأول من عام 2018، ولآفاق التوقعات المالية والمؤشرات الاقتصادية للفترة المعنية، تم إعداد نص قانون المالية لسنة 2019، وإسقاطات سنتي 2020 - 2021، على أساس تطورات المجاميع الاقتصادية الكلية والمالية الرئيسية، موضحاً أنه من المتوقع أن يعود النمو الاقتصادي الوطني إلى مستوى يفوق 2.6٪ في 2019، ليرتفع الى 3.4٪ في 2020، وبحسب التقديرات فانه سيسجل نسبة تزيد عن 3.2٪ في 2021.
كما قدم المسؤول الأول على قطاع المالية أرقام النمو الاقتصادي المتوقعة سنة 2019، والتي تقدر بأزيد من 3.2٪ للناتج الداخلي الخام، ومن المتوقع - حسبه - وصول الإيرادات المتأتية من صادرات المحروقات في الفترة 2019-2020 إلى ما قيمته 33.2 مليار دولار أمريكي في 2019، وإلى 34.5 مليار دولار في 2020، مشيرا إلى أنه فيما يخص ميزانيات الدولة لسنوات 2019 و2020 و2021، فإنها تندرج ضمن مسعى مواصلة التحكم في الإنفاق العام، بهدف تعزيز استمرارية الميزانية والحد من التوترات على خزينة الدولة، حيث سترتفع إيرادات الميزانية العامة المقررة للفترة 2019 - 2021، بمتوسط نسبة 2.6٪ لتصل على التوالي إلى 6507.9 مليار دينار وإلى 6746.3 مليار دينار ثم إلى 6999.9 مليار دينار.
ارتفاع الصادرات خارج المحروقات إلى 2.78 مليار نهاية سبتمبر 2018
فيما يتعلق بنفقات التسيير بين الوزير أنها ستصل إلى 4584.5 مليار دينار في 2018، كما أنها سترتفع بنسبة تفوق 8.1٪ في عام 2019، حيث ستنتقل نسبة تغطية نفقات التسيير من طرف الموارد العادية من 76.6٪ في 2019 إلى 80.8٪ في 2020 ثم إلى 83.6٪ في 2021.
تطرق الوزير في عرضه الى بعض المؤشرات الاقتصادية التي ميزت الأشهر 9 الأولى من السنة الجارية، فلفت إلى تباطؤ معدل التضخم إلى متوسط 4.45٪ خلال هذه الفترة، مقابل 5.65٪ خلال الأشهر 9 من سنة 2017.
أوضح راوية في هذا السياق بأن العجز التجاري قد تقلص خلال هذه الفترة إلى 3.7 مليار دولار، مقابل 8.5 مليار دولار خلال الاشهر 9 لسنة 2017.
يعود هذا التقلص الى ارتفاع صادرات المحروقات بـ 14.5٪، فيما ارتفعت الصادرات خارج المحروقات بحوالي 60٪، لتنتقل إلى 2.78 مليار، نهاية سبتمبر 2018، وهذا موازاة مع تراجع طفيف في الواردات.
الدعم الاجتماعي يبقى مركزيا في سياسة الدولة تجاه المواطن
بعد عرض المشروع من قبل وزير المالية، استعرض مقرر لجنة الشؤون الاقتصادية والمالية عبد الحق كازيطاني، عند تلاوته محتوى التقرير التمهيدي، الخطوط العريضة لنص قانون المالية 2019، حيث تطرق إلى كل ما جاء فيه من مؤشرات وتدابير مالية وتشريعية، مؤكدا بأن هذا النّص يضبط إطاره المرجعي دون إغفال التحديات الكامنة، ومواجهتها بخطى محسوبة، باعتماد الموارد المتاحة، فضلا عن مجابهة الضغط الميزانياتي ومختلف العوائق المنبثقة عن ركود نشاط المحروقات، والعمل على إرساء شروط تعافي الإقتصاد الوطني وتحقيق الأهداف المسطرة، واختتم مقرر اللجنة، تدخله بتأكيد مجددًا على “أن الميزانية تندرج في إطار استمرارية النهج المتصل بالتحكم في الإنفاق العام، بهدف الاستدامة المالية للحد من التوتر على الخزينة، دون المساس بالدعم الاجتماعي الذي يبقى مركزيا في سياسة الدولة تجاه المواطن ، الذي يعد مركز كل اهتمام”.
من بين الملاحظات التي سجلتها اللجنة وأتى على ذكرها المقرر، عدم تطور الوعاء الضريبي بالشكل المرغوب رغم محاولات الحكومة، كما بقيت نسب نموالناتج الداخلي الاجمالي خلال الفترة المستهدفة 2019-2021 “ضئيلة”، بالنظر الى معدل التضخم، رغم ان هذا الاخير سيعرف بحسب التقديرات انخفاضا خلال الفترة نفسها.
كما رفعت اللجنة في تقريرها ضعف ونقائص في القطاع المصرفي التي حالت دون تحول القطاع الى فاعل اقتصادي قوي، بالنسبة للاستثمارات الكبرى، سواء على المستوى الوطني أوعلى المستوى الافريقي، بالإضافة الى طرحها لإشكالية عدم كفاءة الجماعات المحلية في بعث التنمية المحلية الجهوية.