يبدأ مؤتمر دولي حول ليبيا أعماله غدا، في باليرمو بإيطاليا بحضور أهم أطراف الأزمة، في محاولة جديدة لإطلاق عملية انتخابية وسياسية من المفترض أن تخرج البلاد من حالة الفوضى.
وفي مؤشر على الصعوبات التي تعترض تنفيذ مختلف المبادرات ميدانيا، أعلنت الأمم المتحدة أن العملية الانتخابية تأخرت ومن المتوقع أن تبدأ في ربيع 2019.
ويعقد المؤتمر هذه المرة، في إيطاليا التي لديها روابط تاريخية مع البلد الغني بالنفط، وكان آخر اجتماع لأطراف الأزمة الليبية تحت رعاية الأمم المتحدة في باريس شهر ماي الماضي.
وتشعر إيطاليا بقلق بالغ إزاء مشكلة المهاجرين الذين يحاول عشرات الآلاف منهم كل عام، الوصول إلى شواطئها انطلاقا من ليبيا حيث ينشط المهربون للاستفادة من الفوضى.
وقال رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي إن «مؤتمر باليرمو خطوة أساسية نحو تحقيق الاستقرار في ليبيا وأمن حوض البحر المتوسط برمته».
ويشارك ممثلون من دول أوروبية بينها فرنسا والولايات المتحدة فضلا عن دول عربية في المؤتمر الذي يستمر الاثنين والثلاثاء في باليرمو بصقلية في حين لا تزال ليبيا تعاني من انعدام الأمن والأزمة الاقتصادية.
من سيحضر؟
وكما في اجتماع باريس، سيكون هناك حول على الطاولة الشخصيات الرئيسية في ليبيا من رئيس حكومة الوفاق الوطني المعترف به دوليا فايز السراج و خليفة حفتر، ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح ورئيس مجلس الدولة، خالد المشري.
كما دعت روما شخصيات بارزة بالاضافة إلى عدد من أعيان القبائل والمجتمع المدني.
وفي مقابلة صحفية، أعرب السراج عن الأمل في أن يخرج المؤتمر ب»رؤية مشتركة تجاه القضية الليبية»، مشددا على «ضرورة توحيد مواقف» باريس وروما.
خلافات حادة
عقب اجتماع باريس، اتهمت روما فرنسا بأنها تريد أن تكون وحيدة في ليبيا التي يحكمها كيانان متنافسان: حكومة السراج المنبثقة من عملية الأمم المتحدة ومقرها طرابلس وسلطات موازية في الشرق.
ورغم أن إيطاليا وفرنسا لديهما «الكثير من المصالح المشتركة في ليبيا مثل الطاقة والهجرة ومكافحة الإرهاب، لكن لديهما وجهات نظر متباينة حول كيفية تحقيق أهدافهما»، كما تقول فيديركا فازانوتي من مؤسسة بروكينغز.
في اجتماع باريس، تعهد الزعماء الليبيون إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية في العاشر من ديسمبر 2018. لكن هذا الموعد واجه شكوكا خصوصا في روما وواشنطن اللتين اعتبرتا أن الظروف غير مواتية للانتخابات.
وكان ديفيد هايل، الرجل الثالث في وزارة الخارجية الأميركية، قال الخميس أمام معهد الشرق الأدنى في واشنطن «نؤيد الانتخابات في أقرب وقت ممكن، لكن مواعيد نهائية مصطنعة مع عملية متسرعة ستأتي بنتائج عكسية».
في اليوم نفسه، أكد غسان سلامة مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا أمام مجلس الأمن الدولي أن إجراء الانتخابات قبل نهاية العام الحالي أمر غير ممكن.
قضايا على الطاولة
على الجانب الليبي، طالما أكد البرلمان الذي يتخذ من الشرق مقرا له، أنه يتمسك «دائما بتنظيم الانتخابات».
وقال المتحدث باسم حكومة الوفاق الوطني أن السراج سيتوجه إلى باليرمو للدفاع عن أربع قضايا العملية الانتخابية وقاعدتها الدستورية، وإنهاء «المؤسسات الموازية» وتوحيد الجيش، وكذلك الإصلاحات الاقتصادية والأمنية.
لكن كلوديا غازيني، خبيرة الشؤون الليبية في مجموعة الأزمات الدولية، اعتبرت أنه لا يمكن «اختزال» مؤتمر باليرمو في إطار المنافسة بين باريس وروما.
ودعت إلى «توحيد مواقف الدول المختلفة»، ورأت أنه «شبه مستحيل التوصل إلى توافق في الظروف الحالية».