تشكّل التّأمينات والصيرفة الإسلامية موضوع الندوة الجزائرية الأولى (صافي 2018) المقرر تنظيمها يومي 24 / 25 نوفمبر الداخل بقصر الثقافة سعيا لتوسيع مصادر تمويل الاقتصاد في ظل توجهات بناء مسار النمو خارج المحروقات.
هذا الملتقى الذي يضم كافة الأطراف المعنية بمن في ذلك خبراء من الخارج ويرعاه المجلس الإسلامي الأعلى، يرمي إلى إرساء المالية الإسلامية والتأمين التكافلي في السوق الجزائرية ضمن تصور جزائري يقود إلى إدماج كل القدرات المحلية في تنشيط دواليب التنمية الاقتصادية. وأوضح المنظمون في ندوة صحفية أمس عقدت بمكتبة قصر الثقافة أن الموعد يندرج في إطار تسهيل الجهود في إدماج منتجات المالية الإسلامية المسماة «المالية البديلة» المطابقة لقواعد الشريعة الإسلامية ضمن النظام المالي والمصرفي الجزائري من أجل تنمية وتوسيع المعاملات وتوظيف اقتصادي للموارد المالية المتوفرة.
أكثر من هذا يكون المناسبة فرصة مواتية لإعادة تشخيص الوضع المالي والبنكي الوطني مع مقارنة للوضع الموجود في بلدان أخرى خاضت التجربة بما فيها بلدان غير إسلامية، ومن ثمة مرافقة مهنيي القطاع في الاستجابة لفئة من الزبائن، وجذب جانب من الادّخار المسمى «نائم» نحو الفضاء الاستثماري الواسع. وتعود فكرة عقد هذه الطبعة الأولى للندوة كما أوضحه محمد بوجلال، أستاذ جامعي متخصص في الصيرفة الإسلامية إلى سنة من قبل لمواكبة مسار الانفتاح نحو هذا التوجه، الذي برز في أول خطوة بداية التسعينات بإنشاء بنك البركة ثم تلاه في 2008 بنك السلام، مشيرا إلى أن الصناعة المالية الإسلامية أخذت بعدا عالميا بحيث أكثر من 50 بلدا منتمي للعالم الإسلامي ومن خارجه يتعاملون بقواعدها لما تقدمه من حلول مفقودة غفي النظام المالي والبنكي التقليدي.
ويتسابق العالم في إدماج هذا المسار بينما أولى للجزائر أن تهتم به كما أضاف بوجلال، كون أصل الدعوة إلى تأسيس بنك إسلامي جزائرية بامتياز لما طالب إبراهيم أبو اليقظان سنة 1929 الإدارة الاستعمارية الفرنسية باعتماد بنك إسلامي يتكفل بمعاملات الجزائريين، وهو ما لم يتحقق إلى حين سنوات من استرجاع السيادة الوطنية. وبهذا الخصوص قدّم المجلس الإسلامي الأعلى مشروع تعديلات قانونية تستوجب الاعتماد في تطوير النظام المالي والتأمينات من خلال التأمين التكافلي، وتشمل التعديلات مراجعة قانون النقد والقرض وقانون التأمينات وكذا قانون المالية، وهنا وجّه دعوة إلى البرلمانيين للتقرب من المجلس الإسلامي الأعلى للاطلاع على التعديلات قصد إدراجها في مناقشة قانون المالية 2019،خاصة فيما يتعلق بالحياد الايجابي للمنتجات المالية التي تم رصد طلب عليها على مستوى البنوك، ويرتبط هذا التحول بان يفرج بنك الجزائر عن التنظيم الخاص بالمالية الإسلامية الذي طال انتظاره.
كما استعرض كل من حكيم حجو مدير «تأمينات تريست» وناصر حيدر المدير العام لمصرف السلام تجربتهما في هذا المجال، في ظل رصد اهتمام متزايد في السوق توسيع مكانة المعاملات المسماة إسلامية في المنظومة المصرفية، كو هذا يصب في نطاق وضع السلطات العمومية في أريحية بالنظر للفائدة الكبيرة التي تعود على الاقتصاد الوطني، خاصة وأنّ جانبا معتبرا من السيولة النقدية يتواجد في الفضاء الموازي الذي يكون له دور في الرفع من أداء النسيج الاقتصادي الرسمي، ومن الضروري تعبئة موارده المحلية.
للإشارة، لا تستفيد الجزائر من سوق الصكوك الإسلامية في العالم التي تقدر بأكثر من 300 مليار دولار بينما تحقق اقتصاديات بلدان قوية مثل ألمانيا وبريطانيا وفرنسا فوائد منها، بينما لا تتعدى الموارد الإسلامية في السوق الجزائرية 3 بالمائة من إجمالي السوق البنكية وحوالي 30 بالمائة منها توجد في القطاع الخاص.
ويراهن منظّمو الملتقى ويتعلق الأمر بمكتب الاستشارات صافي المتخصص في توزيع وتصميم منتجات التكافل والصيرفة الإسلامية والوكالة المتوسطية للتظاهرات والسياحة «ميد للأسفار»، على جعل هذا الملتقى أرضية لإعادة بعث مسار المالية الإسلامية في السوق الجزائرية باعتبارها مكونا مكملا للنظام المالي التقليدي وليس منافسا له طالما أن الغاية الجوهرية تكمن في إدماج كل الموارد والطاقات في ديناميكية الاستثمار وتحسين وتيرة النمو الاقتصادي الذي يعتبر المال وقوده الحيوي.