يعتقد «محمد بويش»، أستاذ ومؤلف مسرحي جزائري، من خلال هذا الحوار مع «الشعب» أنّ للإعلام دور بارز وحيوي ﻓﻲفي المشهد الثقافي والفني، نظرا لمساهمته الكبيرة في النهوض بمستوى التطور الثقافي على كافة الأصعدة. وأنّ المجتمع نفسه في حاجة ماسة إلى تواصل ثقافي، يحتاج إليه يوميا في إطار الفهم السوسيولوجي، وتحت مظلة التواصل والاتصال والبحث المستميت عن مصادر المعلومة.
«الشعب»: كيف ترى الذات المبدعة وأنت الكاتب مع الآخر المتلقي وفق انشطار تشاركي بين المبدع والنص والمتلقي؟
محمد بويش: في التجلي الثقافي والفني تكون الذات المبدعة متأثرة بمدى التواصل مع الآخر المتلقي الذي هو الخزان العقلي والتأويلي للباث الفني، هكذا جسر التواصل هو السبيل إلى إيصال الزخم الفني والإبداعي إلى الشريك الفني، كما نسميه المتلقي أو المبثوث إليه، وفق نظرية التأثير والتأثر من جهة، ووفق القراءة من جهة، أما في تأويل العرض أو الصورة أو النص أو في تفكيكهم المفهومي، حيث تبرز ذهنية المتلقي أو تأويل ذهني لمفهومنا الخاص، وهي نظرية معروفة في النقد الأدبي. ولهذا أصبحت واسطة الإبلاغ إلزامية لإيصال الفكر الفني إلى الآخر ورغم العولمة الحديثة والسسيوميديا المتحكمة في الإيعاز الإبداعي، مازال الإعلام الثقافي بوسائط أخرى يلعب دوره الريادي في فعل الاستقطاب خصوصا، وتأتي هذه الثنائية بين المثقف الفنان المبدع والإعلام من حيث التواطؤ اليومي مع المعلومة، أين يمكن اعتبار الانجاز الفني معلومة جديدة للمتلقي، ووفق التراكم الإبداعي الفني خلال السنوات الأخيرة بالجزائر، أين أصبح الإعلام الثقافي والفني يتعايش بكل وسائطه مع الطرح الجديد في كل حراك فني أو إبداعي في صورة تحتم عليه إلزامية الحضور كمتابع للحركة الفنية بالجزائر...
ما هو تقييمك لمستوى أداء الإعلام الثقافي في الجزائر؟...
@@ اتجاه الإعلام الثقافي في الجزائر إلى الجانب الخبري والإشهاري في طرح الفعاليات الثقافية، جعله لا يتحرك بفعالية في جانبه التوعوي من خلال المتابعة النقدية للأحداث الثقافية ومحاولة تقديم دراسات شبه أكاديمية حول فعاليات ثقافية قارة تشهدها الجزائر سنويا... ورغم المحاولة الجادة لخلق إعلام ثقافي مميز وصل إلى غاية تأسيس جرائد مختصة وإذاعة ثقافية، إلا أن الأمر مازال يراوح مكانه، حتى من حيث الصفحات المخصصة للجانب الثقافي أو من خلال اختيار الأسماء التي تتحرك في الميدان الثقافي بالجزائر أو متابعة الأدباء والفنانين خارج الوطن لتغطية فعاليات نشاطهم الثقافي، لأن الكثير من حاملي المشاريع الثقافية يتحركون وينشطون خارج الوطن، وخصوصا بدول الجوار... وتأتي كذالك في الصورة نمطية الأعمال الأدبية المنشورة علي صفحات الجرائد أو المسموعة التي كرّست كلاسيكية الحدث خارج تجارب أدبية راقية تنبت يوميا بمحراب الفن...
إذن ﻻﺕ؟
@@ لا تأتي النتيجة إلا بخلق تواصل فني مستنير بالمرجعيات الإبداعية الصحفية الكفيلة باختراق زوايا المحافل الفنية وقراءة الصورة الإبداعية في شتى أنواع الفنون، وبالتالي خلق اشتراك فني صحفي في إيصال المعلومة والتغطية إلى المتلقي، وهذا يحتاج إلى اختصاص فني وذائقة عند الصحفي الخبير، قبل وصوله إلى مكان العرض الفني أو قبل تلقيه نصا للنشر أو قبل محاورته لأهل الفن...
وماذا عن العلاقة بين الإعلام الثقافي والفنان في نظرك؟
** إنّ العلاقة الإعلامية مع الفنان تكاد تكون شائكة من خلال الخلق التواصلي الذي يصاب بعطب خلال الحوارات خصوصا، وهذا قد يكون في ثقافة الباث الفنان خصوصا وتجربته في تقديم آراءه وفنه للإعلام، وفق طرح لغوي مقبول أو من الإعلامي الذي يعاني أحيانا من محاولة إسقاطه طرح فني على صفحة إعلامية، وبالتالي السقوط في المباشرة والتقريرية الزائدة... ورغم كل هذا مازال الإعلام الثقافي يلعب دورا مميزا في خلق حالة من التواصل مع متلقي آخر تصل إليه المعلومة خارج تواجد الفعاليات الثقافية، وبالتالي خلق ذاك التواصل الروحي مع المادة الفنية ومحاولة اكتشافها من المتلقي...
هل من كلمة أخيرة؟
@@ رغم العولمة الثقافية السائدة وسرعة المعلومة مازال الإعلام الثقافي المكتوب والمسموع يتحرك في اتجاه النشر المميز لكل حراك فني يساهم في تواصل ثقافي نحتاج إليه يوميا علي مستوانا السوسيولوجي وعلى تعايشنا اليومي والبحث عن المعلومة، وبمناسبة اليوم الوطني للصحافة المصادف ليوم 22 أكتوبر من كل سنة أتقدم إلى كل رجال ونساء الإعلام بكافة تخصصاتهم ودرجاتهم بأحر التهاني والأماني، متمنيا لكم التوفيق والنجاح في مهامكم النبيلة…