وجه رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة اليوم الأحد رسالة إلى الأسرة الإعلامية بمناسبة اليوم الوطني للصحافة المصادف ليوم 22 أكتوبر هذا نصها الكامل :
"أيتها السيدات الفضليات،
أيها السادة الأفاضل،
إن احتفالنا هذا العام باليوم الوطني للصحافة يرمز مرة أخرى إلى التعبير عن تقديرنا لأسرة الإعلام الوطني، ونعده محطة لتقويم ما حققته المهنة الإعلامية من تقدم وفرصة للتمعن في أوضاع بلادنا والتحديات التي تواجهها.
نعم سيداتي سادتي، نساء ورجال الإعلام، إنكم تنتمون إلى أسرة مهنة شريفة، احتلت مكانتها في العالم بجدارة.
بالفعل، ساهمت الصحافة الجزائرية في كفاحنا التحريري، كما واكبت كذلك مسار البناء والتشييد في الجزائر المستقلة، ودفعت أيضا ضريبة باهظة من شهداء الواجب الوطني بمساهمتها في صمود الجزائر في وجه الإرهاب المقيت.
إن الاحتفال بهذا اليوم هو كذلك وقفة للترحم، أولا وقبل كل شيء، على شهداء ثورة نوفمبر المجيدة وشهداء الواجب الوطني، من نساء ورجال الإعلام الجزائري.
أيتها السيدات الفضليات،
أيها السادة الأفاضل،
في ظل السلم المستعاد والمصالحة الوطنية المباركة شهد إعلام بلادنا تقدما ملحوظا، واكب إعادة بناء الجزائر في جميع الميادين.
لقد تطورت الصحافة المكتوبة خلال العشريتين الأخيرتين بحيث بلغت اليوم أزيد من 150 عنوانا، وتم في قطاع الإعلام السمعي البصري إنشاء أكثر من 20 قناة حرّة، وتعزز ذلك بصحف إلكترونية، وهذا كله زخم من المكاسب جاءت لتثري المنظومة الإعلامية الوطنية إلى جانب الوسائل الإعلامية العمومية المختلفة.
إن حرص الدولة على تطور الإعلام والاتصال تكرس كذلك أثناء العشريتين الأخيرتين من خلال فتح عدد هائل من معاهد جامعية للإعلام و الإتصال يتخرج منها سنويا المئات من شبابنا الذين اختاروا هذه المهنة الشريفة.
ولقد أثبتت الجزائر كذلك حرصها على تطوير إعلام وطني احترافي وحر من خلال العديد من التعديلات التي أدخلت على دستور بلادنا، وهي تعزز حرية الإعلام وحق هذه الوسائل في الوصول إلى المعلومة وجعل هذه المهنة تحت حماية سلطان القانون الذي يحمي جميع الحريات، ويفرض احترام كل الواجبات.
أيتها السيدات الفضليات،
أيها السادة الأفاضل،
إذا كنا نسجل في كل المناسبات وبكل مشروعية التطورات الإيجابية التي سجلتها الجزائر، فهذا لا يعني بتاتا أن نغض الطرف عن النقائص الموجودة في البلاد وفي الكثير من المجالات أو أكثر من ذلك أن نغفل عن المخاطر التي تحيط بالجزائر في العديد من الفضاءات.
نعم، ما تزال في بلادنا نقائص وآفات مؤسفة من بيروقراطية ومحسوبية، ورشوة، فإن مكافحة هذه الآفات وحرص الدولة على تلافي هذه النقائص أمر مسلم به قانونيا وسياسيا ولكنه غاية تتطلب تضافر جهود الجميع ، ومنها جهود الصحافة والإعلام.
إن تسليط أضواء الإعلام على النقائص التي توجد في ربوع بلادنا الشاسعة أو تلك الإنحرافات التي تظهر هنا وهناك، هي مساهمة ثمينة في تقويم الأمور وتعزيز دولة الحق والقانون.
ومن ثمة،أهيب بكم معشر الصحافيات والصحافيين أن تقوموا بدوركم في هذا المجال، وأنتم في حماية الله والدولة والقانون، كما أهيب بكم في هذا الصدد، أن تساهموا في إرشاد المجتمع إلى الطريق الصحيح.
أيتها السيدات الفضليات،
أيتها السادة الأفاضل،
لقد سبق لي في رسالتي الأخيرة بمناسبة اليوم الوطني للمجاهد أن تطرقت إلى التحديات التي تواجه بلادنا، وأهمية هذا الموضوع تستوجب الرجوع إليه مرة أخرى.
بالفعل، إذا كنا نعيش بفضل الله وحمده في ظل الأمن والسلام، فإننا نعيش كذلك وسط محيط جهوي تتعدد فيه الأزمات والصراعات، وكذا آفات الإرهاب المقيت والجريمة العابرة للحدود، وتهريب الأسلحة والمخدرات، وهي كلها مخاطر تهدد مجتمعنا، مخاطر تدفعنا جميعا إلى اليقظة و التجند للحفاظ على سلامة شعبنا ووطننا.
صحيح، إننا نتدرع، معتزين بالجيش الوطني الشعبي، سليل جيش التحرير الوطني الذي أحييه، أفرادا وقيادة، وأترحم على ضحاياه البواسل، جيش ساهر ومرابط في خدمة الوطن، وفي أداء مهامه الدستورية، غير أن صلابة تحصين الجزائر من المخاطر الخارجية يتطلب كذلك جبهة شعبية متسلحة بالروح الوطنية متشبعة بالحرص على صون الجزائر من أي انزلاق أو اعتداء من حيثما أتى.
علينا أن نكون حريصين على سلامة ترابنا، ساهرين على حماية مجتمعنا من أية مؤامرة أو مناورة سياسوية وما أكثرها، مع الأسف، كلما اقتربت بلادنا من استحقاق سياسي هام.
تعيش الجزائر، مثل العديد من الدول النامية، تحديات جساما في المجال الاقتصادي، منها تحدي الخروج من التبعية المفرطة للمحروقات، إذ هي تحت رحمة تذبذب السوق العالمية، مع العلم أننا نحن وغيرنا، أمام تحديات أوضاع اقتصادية عالمية هشة.
وهذا كله يستوجب من مجتمعنا برمته المزيد من الجهود من أجل دفع الاقتصاد الوطني نحو مردودية أوفر، وذلك بإصلاحات لا مفر منها، إصلاحات يجب أن تتغلب على شعارات جوفاء، إصلاحات مقرونة بالعدالة الإجتماعية والتضامن الوطني، من حيث انهما من الثوابت الجزائرية المنبثقة من نداء أول نوفمبر المجيد.
وأمام هذه التحديات، فإن لنساء ورجال الصحافة الوطنية دور هاما يجب القيام به خدمة للوطن، دورا تتحملونه مهما كانت مشاربكم وتوجهاتكم السياسية، لأننا بتنا في تعددية نفتخر ونتمسك بها.
أيتها السيدات الفضليات،
ايها السادة الأفاضل،
إن إحياء اليوم الوطني للصحافة في هذه السنة جاء تحت شعار "العيش معا في سلام".
إنها غاية نبيلة رفعت الجزائر رايتها في محفل الأمم، الجزائر التي عرفت عبر القرون والعصور، أن السلم والعيش معا في هناء هما دوما ثمار النضال والكفاح وحتى التضحيات.
وإذ نحن نعيش اليوم في الجزائر السلم والسلام، فإن الوطن الغالي يستوقفنا لخدمة بلادنا بصدق وتفان، ولقول كلمة الحق في فائدة البلاد وشعبها، وللسهر على صون سلامتها والتوعية بلزومه.
تلكم هي غايات ومهام في قمة النبل والسمو، غايات ومهام تدخل في صلب مهمتكم النبيلة أنتم رجال ونساء الإعلام الجزائري.
ولكم ما يجعلني أستوقفكم بهذا النداء من أجل الوطن وأنا أختم رسالتي هذه بتحيتكم تحية الأخوة والإسلام، متمنيا لكم جميعا المزيد من التقدم والإزدهار.عاشت الجزائر.
والسلام عليكم ورحمة الله تعإلى وبركاته".