هي واحدة من السيدات اللواتي أثبتن جدارتهن في الفنون التقليدية خاصة الطبخ الذي أحبته بشدة ما جعلها من السيدات المبدعات في هذا المجال فكانت أناملها تخلط المكونات لتصنع طبقا مكونه السحري والسري الحب الساكن داخلها لهذا المجال، زينب كنوش عبدوش امرأة استطاعت وضع بصمتها الخاصة في كل ما حولها، لأن العطاء كان مازال صفتها الأهم.
لن نستطيع فهم مسيرة زينب كنوش دون الرجوع إلى طفولتها التي كانت فيها زينب الطفلة مولعة بفن الطبخ، وكان انتقالها إلى متليلي بالجنوب الجزائري بسبب عمل والدها فرصة ذهبية لها للتعرف على تقاليد جديدة غير معروفة بالعاصمة، ورغم أنها تركت زرقة البحر التي كانت دائما أهم ديكور الحي الذي ولدت به بالعصمة، إلا أنها وجدت سحرا جديدا في رمال البحر الذهبية حتى وصفت مرحلة طفولتها هناك بأنها أحلى أيام عمرها تحمل أجمل ذكريات الطفولة التي عاشتها.
وعلى عكس الكثيرات كان والدها معلمها الأول في الطبخ، فرغم أنه موظف بشركة سونلغاز إلا انه ورث هواية الطبخ من والده صانع حلويات، ومن الجد إلى الابن إلى الابنة. توارثت عائلة كنوش فن الطبخ فأصبح «صنعة» يفتخرون بها، وكانت الطفلة رغم صغر سنها تتقدم بخطوات ثابتة في هذا المجال، ومع مرور السنين استطاعت خلق اسم له مكانة في هذا المجال الذي كان التنوّع فيه حاضرا بسبب احتكاكها بمختلف عادات وتقاليد الجزائر من الشمال إلى الجنوب.
بعد 22 سنة عادت زينب إلى العاصمة لتتزوّج وتؤسس عائلتها الصغيرة، ورغم المسؤوليات الأسرية إلا أنها لم تترك هوايتها في الطبخ بل استطاعت الانتقال من الهواة إلى الاحتراف من خلال التحاقها بمدرسة «سيبل ايكول» الذي عملت فيه كمساعدة من 2005 إلى 2006، كما عملت في مطعم كطباخة مختصة في الطبخ التقليدي، وبالموازاة كانت تدرّس أسرار هذا الفن في جمعية «المستقبل» وبقيت هناك تعلم الراغبين في تعلمها تسعة سنوات كاملة، مع البقاء وفية لكل من يطلبها لتعليم ما تعرفه في هذا المجال. كما تحصلت على شهادة في فنون الطبخ من مدرسة «غولف ايكول» بالموازاة مع عملها في مدرسة «صالح» بالرويبة كمكونة في فنون الطبخ التقليدي والمعاصر.
«المرأة المبدعة» حلم يتحقق
ولأنها امرأة لا ترضى بالبقاء دون عطاء فكرت في إنشاء جمعية خاصة بها تكون بابا مفتوحا على مختلف المجالات التي تستهوي المرأة على اختلاف مستوياتها، فمن المرأة الماكثة بالبيت إلى المثقفة إلى الفتيات الباحثات عن مهنة لمستقبل أفضل كلهن جمعتهن زينب في جمعية المرأة المبدعة التي رأت النور في أكتوبر 2017 ، ورغم كل العوائق التي وقفت في طريق تحقيق هذا الحلم إلا أنها لم تستسلم بل حاربت في معركة الإصرار لتكون الجمعية فرصتها الذهبية لنقل ما تعلمته طوال مختلف مراحل حياتها إلى الراغبات في ذلك، و فتحت الجمعية العديد من التخصصات منها الإعلام الآلي، الخياطة، الطبخ، الحلويات والحلاقة.
هذا الإصرار على المضي قدما كان وراءه زوج متفهم رفض أن يكون حجرة عثرة في طريقها فكان السند الذي منحها القوة لتجاوز العثرات والسقطات،
ولم يكن الأبناء أقل شأنا من والدهم فكانوا أول من نصحها بإنشاء جمعية
لتعليم ما تعرفه في عالم الطبخ، فكما كانت سندهم في تحقيق أحلامهم كانوا بالنسبة لها الطاقة الايجابية التي تدفعها إلى الأمام بعيدا لأنهم يعرفون جيدا أن العطاء لا سن له.