تتهيأ جبهة البوليساريو، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الصحراوي للمشاركة في المفاوضات المقررة بداية ديسمبر المقبل في جنيف بدعوة من الامم المتحدة التي يسهر مبعوثها الشخصي، هورست كوهلر، على إعادة تحريك مسار التسوية لحل النزاع في الصحراء الغربية، والمتعثر منذ 2012.
يستدل السيد كوهلر في هذه المرحلة لجمع طرفي النزاع (المغرب وجبهة البوليساريو) بقرارات الشرعية الدولية، لا سيما قرار مجلس الامن الدولي الأخير 2414، القاضي بضمان حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير.
وتحسبا لهذا الموعد كان المبعوث الأممي قد وجه دعوات لطرفي النزاع لمناقشة الخطوات المقبلة التي من شأنها إعادة بعث المسار السياسي، إضافة إلى تقييم التطورات المسجلة منذ وقف مسار منهاست 2012، وذلك تطبيقا لقرار مجلس الأمن الدولي، الذي أكد على ضرورة أن يدخل الطرفان في مفاوضات مباشرة بدون شروط مسبقة بما يضمن لشعب الصحراء الغربية حقه في تقرير المصير.
الكرة في مرمى مجلس الأمن
من جهتها وبعد أن رحبّت بالدعوة لعقد جولة جديدة من المفاوضات، أكدت جبهة البوليساريو أن «الكرة الآن في مرمى مجلس الأمن الدولي لتطبيق القرار 2414 الصادر عن المجلس نفسه في أبريل المنصرم» لإنهاء النزاع من خلال تمكين الشعب الصحراوي من حقه في تقرير المصير»، إذ ينصّ هذا القرار على ضرورة أن يدخل الطرفان المفاوضات بدون شروط مسبقة بما يؤكد اسقاط الشرط الذي يضعه المغرب بـ»زعم التفاوض فقط في اطار مقترح الحكم الذاتي».
وكان ممثل جبهة البوليساريو بفرنسا، أبي بشرايا البشير، فنّد من قبل كل هذه الإشاعات والمحاولات التي يطلقها الجانب المغربي ويحاول الترويج لها، مشدّدا على أن اللائحة الأممية كانت واضحة وأن النقاط المطروحة في مفاوضات جنيف هو ما أكده قرار مجلس الأمن الدولي الأخير المرتكز على تمكين شعب الصحراء الغربية من حقه في تقرير المصير، باعتباره الهدف النهائي والاساس في أي تسوية في الصحراء الغربية.
كما أن مجلس الأمن الدولي اعتبر أيضا من منطوق هذه اللائحة أن تمكين الشعب الصحراوي من حقه من تقرير المصير «يبق الهدف النهائي والاساسي في أي تسوية مجددا دعمه للجهود التي يبذلها المبعوث الأممي، هورست كوهلر» من أجل تنظيم أول سلسلة من المفاوضات المباشرة بين جبهة البوليساريو والمغرب في جنيف، داعيا طرفي النزاع إلى الدخول في هذه المحادثات «بحسن نية ودون شروط مسبقة».
تحذير من مراوغات الاحتلال
إلا أن الجانب الصحراوي ما فتئ يحذر من المراوغات التي اعتاد عليها الجانب المغربي في كل مرة من أجل اعادة الاوضاع الى نقطة الصفر، ودعا، في هذا السياق، المغرب لأن «ينساق ويشارك بدون مراوغة ولا مناورات في هذه المفاوضات، والانصياع الى قرار مجلس الأمن الدولي الاخير 2414 الذي يشكل، التحدي الكبير الذي سيرسم ملامح المرحلة المقبلة»، على طريق حل النزاع في الصحراء الغربية.
من جهته، أعرب سفير الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية في الجزائر، عبد القادر الطالب عمر، عن أمله في أن تكون مشاركة المملكة المغربية في هذه الجولة «جادة وجدية» بعيدا عن المراوغات والتعنت الذي إعتاد عليه المغرب، وهذا حتى يتسنى تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي 2414 الذي ينصّ على حقّ شعب الصحراء الغربية في تقرير المصير، لا سيما وأن المغرب يوجد على حافة الانهيار بسبب الفواتير الضخمة التي يدفعها لشراء الذمم وتحديد مواقف الدول والمنظمات الأممية.
وقد كشفت مؤخرا منظمة امريكية غير حكومية، مؤسسة منتدى الدفاع الامريكية، أن «المغرب أنفق مبالغ طائلة من أجل تقديم رشاوى لموظفين امميين لكي يقوموا بعرقلة تنظيم استفتاء تقرير المصير، بالصحراء الغربية»، منددة بفشل المنظمة الأممية في تنظيم هذا الاستفتاء الموعود منذ اكثر من 27 سنة.
وأوضحت رئيسة هذه المنظمة غير الحكومية، سوزان شولت، خلال مداخلتها أمام اللجنة الأممية الرابعة المكلفة بتصفية الاستعمار أن «الفشل المتكرر للأمم المتحدة في تحقيق وعدها بتنظيم الاستفتاء جراء الفساد قد أدى إلى عديد الاحداث المأساوية».
إجماع دولي على دعم تقرير المصير
هذا وشهدت أشغال الدورة 73 للجمعية العامة للأمم المتحدة المنعقدة مؤخرا حضورا قويا، تجدّد خلالها الاجماع على أن النزاع في الصحراء الغربية هو مسألة تصفية الاستعمار وأنه يجب الإسراع لتسوية هذه القضية في نطاق احترام حقّ الشعب الصحراوي في تقرير المصير.
وفي هذا الشأن، عبرت جنوب افريقيا عن «أسفها الشديد» لعدم تحقيق تقدم ازاء استكمال مسار تصفية الاستعمار من الصحراء الغربية وأكدت على ان الحل يتطلّب مفاوضات صادقة وجادة بين المغرب وجبهة البوليساريو.
من جهته، جدّد المندوب الدائم لجمهورية الاوروغواي، السيد لويس بيرموديت، «دعم بلاده القوي» لكفاح الشعب الصحراوي من اجل الحرية والاستقلال، موضحا أن الاوروغواي «ستظل متشبثة بالدفاع عن مطلب تنظيم استفتاء حر عادل ونزيه يمكن الشعب الصحراوي من ممارسته لحقه في الثابت في تقرير المصير».
بدوره، جدّد نائب مندوب ترينيداد وتوباغو، فلاديمير بودهو، دعم بلاده لحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير، مشجعا المغرب وجبهة البوليساريو على «مواصلة التفاوض من خلال الإلتزام الصادق بهدف التوصل الى حل للقضية الصحراوية».
الآلية الأفريقية ستساهم في حل القضية
أما مندوب الاكوادور باللجنة الأممية لتصفية الاستعمار، ماريو زمبرانو، فقد جدّد دعم بلاده لجهود الأمم المتحدة الهادفة الى تصفية الاستعمار من الصحراء الغربية مرحبا باستئناف المباحثات المباشرة بين طرفي النزاع، كما دعا ممثل الموزمبيق، انطونيو قوميد، المجتمع الدولي للضغط لتمكين الشعب الصحراوي من ممارسة حقه الثابت في تقرير المصير، معربا عن «اسفه» لكون البعثة الأممية التي تتواجد بالصحراء الغربية منذ 3 عقود لم تتمكن من انجاز مهمتها المتمثلة في تنظيم استفتاء تقرير المصير الشعب الصحراوي.
اما ممثلة بوليفيا، ساشا سرجيو، فأكدت هي الاخرى إلتزام بلادها بدعم حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير، فيما اكد مندوب تنزانيا، موديست جوناثان، على دعم بلاده القوي لنضال الشعب الصحراوي من اجل الحرية، لافتا الى ان المؤشرات الاخيرة التي حدثت، سيما استحداث آلية افريقية لمعالجة القضية الصحراوية ستساهم في جهود الامم المتحدة لتسريع حل القضية الصحراوية.