موحشةٌ تلك البلادُ
يا حبيبتي ...
فتعالي ، نرقصُ أول رقصةٍ
في مدينتي...
ونسهرُ على أُغنيات الفرات
ونشربُ أول كأسٍ
من ذكريات طفولتنا
ونتذكر ، قِصص جدتي
كيف كنّا نحتمي في حضنها ؟!
والجنرالُ واقفٌ يمسحُ بصليبهِ الأصفر...
فتعالي ، نتذكرُ جبهة الحربِ
بين الأزقةِ...
والدكاكين ،
وأول حقيبةٍ تشتعلُ بثقوب الرصاصِ
في شارع عشرين...
فلم أحمِ رسالة حبنا من سحابة الشظايا
لكنني ؛ ما زلتُ أحتفظُ بأول رصاصةٍ
أخترقت كل المجانين...
فتعالي ، نتذكرُ كيف كنّا...
نراقبُ الشبابيك
على وصول مواويل الدبابات
وهي تقصف جامع عبد الجليل
والزرازير يصرخن بالحريق ....
فتعالي ، نتذكرُ أول طائرةٍ ورقية
صنعها لي جدي
وأول رصيفٍ نجلسُ عليه من الطين
والخرز الخضراء التي كنّا نحتمي بها
من جفلة البساطيل التي تضرب الأبواب
فنهرع إلى حضن جدتي .....
ترافقني ذكريات الأناشيد
مع اصطفاف التلاميذ
فسمعتُ في أحد المحلات المجاورة
من شارع الأورزدي
النشيد الوطني المذبوح على أكتافنا
( موطني ) ... ( موطني )
بينما تتعالى أصوات المدافع
على شوارع حي الضباط
بالحب المعطّر من علبة سجائر دولابي ...
إنني وَلَدٌ كئيبٌ
يا حبيبتي...
فلا تنتظري مني بدلة العرس
فإني أحملُ قبعة سوداء من الشعر
تحتها تاريخُ مدينةٍ من الحرب
يلفُ جذيلتها سراجُ الأولياء والصالحين
إنني أحملُ سماءً من العشق
في كل سحابةٍ أحببتُ إمرأة
زينوا لي قلبي بموسى كل حلّاقٍ
وأودعوني دموعاً إلى الفرات
بعدما سجلتُ أول ناي
يصدحُ في مقبرة الرمادي