ممثّل السّفارة اللّيبية: أكبر المعارك الصّحراوية ودرس في نضال شعوب المنطقة
اعتبر الأمين العام لمجلس الشورى لاتحاد المغرب العربي الكبير سعيد مقدم، في مداخلته أمس بمناسبة إحياء الذكرى الـ 61 لمعركة إيسيين بتاريخ 02 أكتوبر1957 على الحدود الجزائرية الليبية وتخليدا للمجاهد الليبي سي الهادي المشرقي التي نظمتها جمعية «مشعل الشهيد»، اعتبر إحياء هذه الذكرى عربون صداقة ومحبة بين الشعبين، قائلا: «هذا اللقاء هو رسالة وذكرى من الذكريات التاريخية، لإبراز المساعدات والخدمة التي قدمها الشعب الليبي للثورة الجزائرية وكذا كل الشعوب المغاربية».
وحسبه فإن هذه المحطة تحتاج لأكثر من جلسة سواء في الجامعات والأكاديميات كي نؤكد على متانة العلاقات بين أبناء الشعب المغاربي الواحد، مثمّنا في معرض حديثه مبادرة جمعية مشعل الشهيد التي دأبت على إحياء مثل هذه المحطات التاريخية التي تبرز النضال والتعاون بين أقطار المغرب العربي الكبير.
في هذا الصدد، أكّد مقدم أن بناء الوحدة المغاربية خيار استيراتجي وحضاري لا مناص منه، ومسؤولية يتحملها الجميع، كاشفا على أن الإتحاد خلال هذه الأيام يعمل جاهدا مع المؤسسات البرلمانية لأقطار إتحاد المغرب العربي لإعادة بعث الدفء للعمل المغاربي، بحيث تلقى الإتحاد مؤخرا موافقة من موريتانيا، المغرب والجزائر، كما راسل السفارة الليبية للعمل على تمكين الحصول على القائمة الإسمية لممثلي الشعبة الليبية كي يتمكن من تنظيم الأمور وإقامة الإجتماع ونفس الأمر بالنسبة لتونس.
من جهته، أبرز ممثل السفارة الليبية بالجزائر عبد السلام أحمد الرقيق قوة العلاقة الأخوية بين الشعبين، التي تعود لعصور قديمة اتسمت بمعارك الجهاد وطرد الإستعمار لنيل الحرية، الجزائر هي العمق الإستراتيجي لليبيا منذ القدم قبل الرومان والنوميدين، وعلى عهد قريب ظهر العالم الجزائري محمد إبراهيم السنوسي الذي استوطن بلده الثاني ليبيا، واستقر بها في مدينة البيضاء الليبية، وأسس الحركة السنوسية السنية لمحاربة الاستعمار، مضيفا أنه بعد إعلان إستقلال ليبيا بتاريخ 24 ديسمبر 1951، استمرت السلطات الليبية في دعم الثورة الجزائرية بصفة سرية.
بالمقابل، اعتبر أحمد الرقيق معركة إيسيين من أكبر المعارك الصحراوية، كانت درسا في نضال شعوب المنطقة، ومنذ تلك الفترة أنشأت السلطات الليبية صندوق الزكاة لدعم الثورة الجزائرية، بحيث تبرّعت النساء الليبيات بالقيراط والخواتم، كما أطلقت أسماء جزائرية على مدن ليبيا مثل الوهراني والبسكري، ونفس الأمر في الجزائر نجد اسم الطرابلسي والليبي وهي أسماء لمدن ليبية، مشيرا إلى أن تكريم الجزائر للفقيد المجاهد سي الهادي مشرقي ليكون نبراسا لملامح الجهاد وتأكيدا لأواصر المحبة والأخوة بين الشعبين، وقال أيضا أنهم لمسوا جهود الأشقاء الجزائريين حكومة وشعبا لحل الأزمة الليبية ولم شملهم، والجمع بين الفرقاء لإعادة بناء الدولة الليبية، ممّا يؤكد على عمق العلاقة بين الشّعبين والوقوف في خندق واحد.
المجاهد قوجيل: اللّيبيوّن كانوا في مقدّمة الشّعوب العربية الداعمة للثّورة الجزائرية
موازاة مع ذلك، أبرز المجاهد وعضو مجلس الأمة صالح قوجيل أن الشّعب الليبي كان في مقدمة الشعوب العربية لدعم الثورة الجزائرية شعبا وحكومة وملكا، والدليل على ذلك الأسلحة القادمة إلى الجزائر من المشرق العربي، كانت تمر عبر الأراضي الليبية من الحدود المصرية إلى الحدود التونسية، بحيث يتكفل الليبيون بنقلها، واصفا الاستقلال المتتابع لكل من ليبيا ثم مصر ثم تونس ثم المغرب وتليها الجزائر، بأنه الربيع العربي الحقيقي، قائلا: «إن العديد من المؤرخين يغفلون الحديث عن هذا الجانب لإعطاء المفهوم الحقيقي للربيع العربي».
آملا في أن يسترجع الشعب الليبي استقراره ويحافظ على وحدة ترابه قائلا: «الجزائر تؤيّد إستقرار ليبيا دون أي خلفية، والشعب الجزائري لا ينسى خدمات الشعب الليبي إبان الثورة، نحن فخورين بالعلاقات الأخوية بين الشعبين»، وأضاف قوجيل أنه لأول مرة تخرج المرأة الليبية للشارع لمساندة الثورة الجزائرية والتبرع بالذهب.
بالمقابل، استعرض المجاهد عبد الله دباغ ورفيقه عثمان دامرجي الباقين على قيد الحياة من أصل ثلاثين الذين استشهدوا، كيفية تنقلهم من الإسكندرية أين كانوا يقومون بتدريبات فيما يسمى الضفادع البشرية لضرب السفن الفرنسية في البحر، إلى إيليزي ثم إلى منطقة فزان بالحدود الجزائرية الليبية، كما تحدّثوا عن تفاصيل المعركة وكيف تم نصب الكمين للعدو، وتكبده خسائر كبيرة، بحيث تصدّرت المعركة الصفحات الأولى للجرائد الفرنسية.
وتجدر الإشارة، فقد تمّ تكريم الفقيد المجاهد سي الهادي مشرقي الذي دفن في الجزائر سنة 2007، استنادا لوصيته بتقديم الوسام الشرفي لعائلته اعترافا بما قدّمه من دعم للثورة الجزائرية.