تستقطب هواية الغوص الشباب بمنطقة شرق البلاد لاكتشاف أسرار البحر. ففي نهاية شهر أوت الجاري لا يتوانى المصطافون المتوافدون على شواطيء سكيكدة خاصة الشباب منهم في التسجيل بنوادي تعليم الغوص بحثا عن المغامرة واللحظات المثيرة في أعماق البحر أو«عالم الصمت»..«الشعب» رافقت هؤلاء وترصد المغامرة عن قرب.
فريد بولبصل رئيس نادي الدلافين للألعاب المائية بسطورة بمدينة سكيكدة يرى إن الغطس في مياه البحر أصبح يطبع نشاطات المصطافين، مضيفا أن نوادي تعليم الغوص بالولاية أصبحت تستقطب في السنوات الأخيرة أعدادا كبيرة من جميع الفئات والأعمار، لأن الغوص أصبح يستهويهم ولم يعد بالنسبة لهم مجرد هواية أورياضة بدنية وإنما مغامرة تمكنهم من التعرف على عالم من الصعب اكتشافه دون ممارسة الغوص البحري بشكله الحالي.
وأردف فريد قائلا «إن الشغف المتزايد في تعلم رياضة الغوص البحري زاد في العشر سنوات الأخيرة بالرغم من أن نادي الدلافين استحدث سنة 1996 ويعد من بين أقدم النوادي عبر الولاية، إلا أن المواطنين كانوا متخوفين من هذه الرياضة ويعتقدون أنها ليست حكرا سوى على فئة معينة من الأشخاص بينما الأمر عكس ذلك تماما»، بحسب تعبيره.
ويستقبل هذا النادي الراغبين في تعلم رياضة الغوص منذ سن 14 سنة فما فوق لأنها -حسبه- رياضة بإمكان الجميع ممارستها بشرط «التمتع بصحة جيدة. فلا يشترط سن معين كما أن النادي يوفر غالبية معدات الغطس».
وعن دوافع الناس لتعلم الغوص ذكربولبصل إن أهمها هو»فضول اكتشاف العالم المائي والبيئة البحرية الثرية بمختلف أنواع الكائنات، خصوصا وأن ممارسي هذه الهواية يشعرون بالتجديد في كل مرة يغوصون فيها بأعماق البحر ويرون مناظر جديدة وكائنات وأنواع مختلفة من الأسماك»، معتبرا أن متعة الغوص والسباحة في عمق يزيد عن 15 مترا عن سطح البحر «أمر في غاية الروعة».
الغوص في عالم مجهول
اكد رئيس نادي الدلافين للألعاب المائية بسطورة أن على المتمرن المرور بمجموعة من التدريبات وساعات كثيرة للغوص لبلوغ الاحترافية التي تستوجب بلوغ ثلاثة مستويات، مشيرا إلى أن من بين أفضل الأماكن بخليج سكيكدة للغوص هوجزيرة «سيريجنا» التي يمكن رؤيتها من شاطيء سطورة فإن المكان -كما اعتبره السيد بولبصل- «في غاية الروعة والجمال وهوبمثابة منطقة عذراء».
وبالنسبة لتسعيرة دورات تعليم الغوص فقد اعتبرها نفس المسؤول في متناول الجميع، مضيفا بأن الدورة ككل تتطلب دفع 18 ألف دج وهو»أقل بكثير عن التسعيرة التي تطبقها نوادي الغوص في الولايات المجاورة» ما أدى حسبه، إلى توجه الشباب أكثر إلى ولاية سكيكدة.
@ رياض زنداوي (32 سنة) من العلمة (سطيف) قال عن الغوص: «إن المغامرة مع هذا النادي بدأت منذ خمس سنوات»، مضيفا «البحروأعماقه يمتعاني دائما وبالنظر إلى أنني أقيم بمدينة داخلية فإن ذلك حال في وقت مضى هوايتي إلى أن اكتشفت نوادي التكوين في الغوص في أعماق البحر حيث سجلت وأنا حاليا غطاس (درجة ثالثة) وأنا أواصل تعلم الغطس إلى أن أصبح على درجة من الاحترافية في هذا المجال». وأضاف وهوجد متحمس: «لا أفوت أي مناسبة كي أقوم بالغطس دون ضجيج وكي أخلوبنفسي».
لكن يبدوأن العنصر النسوي أقل إقبالا على هذا النوع من الرياضة فنادي الدلافين لم يسجل سوى 4 نساء ضمن أعضائه في خمس سنوات على غرار السيدة جميلة موات (36 سنة) التي أكدت أن الغطس في الماء يمنحها فضاء حقيقيا للارتياح والترويح عن النفس.
@ السيدة جميلة موات قالت أيضا: «إن الغطس في الماء يمكنني من نسيان ضغوطات الحياة اليومية والإحساس باستعادة الطاقة عند نهاية كل حصة تدريب».
حماية البيئة البحرية ...اولا
بالإضافة إلى نادي الدلافين للألعاب البحرية ونادي الكوكب الأزرق، توجد أيضا جمعية «نجوم البحر» التي تأسست سنة 1993 فجميع النوادي التي تمارس رياضة الغوص البحري بولاية سكيكدة قد تخرجت من هذه الجمعية، حسب ما أفاد به رئيسها سعيد رمضان.
اكد رمضان أن الهدف الأول من تعليم الغوص بهذه الجمعية التي تستقطب أعدادا كبيرة من الهواة لتعلم هذه الرياضة، هوحماية البيئة البحرية وأن أول شيء يجب على الغواص أن يهتم به هوالحفاظ على البيئة وعدم تخريب الحياة تحت الماء عند الغوص في اعماقه.
واعتبر رئيس جمعية نجوم البحر أن التلوث من أشد عوامل تدمير البيئة البحرية خصوصا لما تشهده بعض المناطق من صب لمياه المجاري مما أثر سلبيا على صفاء المياه ونزوح الأسماك للمناطق البعيدة، مضيفا أنه من بين مهام غواصي هذه الجمعية هوتنظيم بين الحين والآخر حملات لتنظيف أعماق البحر وذلك بالتنسيق مع عديد النوادي والجمعيات الأخرى.
وبحسب رأيه فإن ممارسة الغوص في أعماق البحر تقوي الشعور بأهمية احترام التنوع البيولوجي البحري والحفاظ عليه، كما من شأن إقبال الشباب أن ينمي الإدراك بالمسؤولية تجاه البيئة وحمايتها.وقال كذلك سعيد رمضان : «إن العمل التحسيسي على مستوى جمعية «نجوم البحر» مرفق دائما بتعليم الغوص في أعماق البحر وتحسين الأداء في هذا المجال.»
ولدى تطرقه للانعكاسات الوخيمة للتلوث البحري والبيئي جراء البقايا التي ترمى في هذا الوسط الطبيعي، أوضح رمضان بأن جمعيته تنظم دوريا عمليات للتحسيس بالمحافظة على الساحل السكيكدي من خلال حملات للتنظيف بالتعاون مع نوادي وجمعيات أخرى تنشط محليا.
ورغم أن فصل الصيف يوشك على نهايته، فإن آخر المصطافين بسكيكدة يواصلون ممارسة هذه الهواية مجهزين بلوازم الغوص الضرورية لاكتشاف أحياء البحر وعالمه الخلاب.