يمتلك من يزور شواطئ الساحل العنابي الكثير من الخيارات، سواء بالتوجه نخو شواطئ وسط المدينة أو التوجه بعيدا شرقا (سيدي سالم وجوانو) أوغربا (نحو سرايدي وشطايبي)، وهذه رحلة ممتعة نحو منطقة بلدية شطايبي وجمال شواطئها، رغم غياب الملامح الاستثمارية السياحية الكبرى.
في الطريق إلى شطايبي يمكن للمسافر القادم نحو شطايبي الوصول لها بسهولة، من مدينة عنابة عبر الطريق الوطني رقم 44، والمرور على أحياء الشابية وخرازة ووادي زياد …ثم على المسافر قراءة اللافتات التي توجههه نحو شطايبي عبر طرق متعددة… ويحدها من الشرق بلدية المرسى التابعة لسكيكدة(رغم قربها من عنابة ولهجتها العنابية؟) وبلدية التريعات جنوبا وواد العنب شرقا و تنفتح على البحر الأبيض المتوسط شمالا.
ولمن يأتي مسافرا في الطريق السيّار شرق غرب، نعلمه بأنه بعد الخروج من الطريق السيار في منطقة عين شرشار بدائرة عزابة بولاية سكيكدة، فعند الخروج على السائح الاتجاه نحو طريق المؤدي إلى مدخل بلدية عين شرشار، وقبل الوصول سيجد محور دوران، فيتبع طريق عنابة،عبر الطريق الوطني رقم44، ويمر عبر مصنع حجار السود للاسمنت وقريتي الوادي الكبير و بومعيزة،…
وعبر طريق مزدوج وقبل الوصول لبلدية برحال في عنابة سيجد حاجزا أمنيا ثابتا، وسينتبه للافتة مكتوب عليها بلدية شطايبي(32 كلم)، فليتوجه يسارا وسيجد الكثير من الحقول ويرى عبر الطريق بعض القرى. وسيجد باعة البطيخ الأحمر(الدلاع ) والأصفر (الفقوس، وتسميه بعض المناطق بالمرحوم، ولسنا ندري لماذا؟؟)والتوت والكثير من الخضر والفواكه على حافة الطريق، كما سيدخل بعض الأحياء التي تزينت بكل ما يحتاجه المصطاف من لوازم.
في المدينة وشوارعها الضيقة
ويواصل السائح المسير مارا عبر قرية الزاوية، وليحذر من انزلاق ارضي في مسافة طويلة تصل إلى 3 أو أربع كيلومترات، وليحذر من خروج قطعان البقر أو الغنم التي تتحرك عبر الطريق وخلفها الكلاب،وسترحب شطايبي به من خلال نوّار الدفلى الموجود على الجانبين بلونه الوردي الجميل(هل تذكرتم هنا المثل الشعبي حول جمال المرأة و جمال الأفعال ونوّار الدفلى ..هيا تذكروه).
ومن الغريب أننا لم نجد أي لافتة ترحب بضيوف البلدية رغم أنها بلدية ساحلية تستقطب الكثير من الضيوف من ولايات مختلفة، بخاصة قالمة وقسنطينة وسكيكدة… وعند خروجنا لم نجد أي لافتة تشرنا على الزيارة؟؟فهل ينتبه المجلس البلدي لهذه المسألة المهمة بالنسبة للسائح؟
وفي مفترق الطرق تتزين شطايبي بمعلم عبارة عن باخرة، ولم نجد أي لافتة تعلم بوجود فندق او نزل، ولاحظنا غياب اللونين الأبيض والأزرق في مدينة ساحلية عكس ما هو معروف عبر العالم(مثل المدن التونسية)، فيبدو ان المجلس البلدي لا يهتم لهذا الأمر، كما لم يهتم بتخصيص ركن في الكورنيش للتعريف بهوية المنطقة وصناعاتها التقليدية، ولم تمكن من التأكد إن كانت المدينة تتوفر على محلات لبيع الصناعات التقليدية؟ بسب صعوبة تحرك السيارات في الشوارع،
و إننا استغربنا سير المركبات في شارع ضيق وركن السيارات في الشارع الرئيسي للمدينة، فكانت الحركة جد صعبة صباحا وعند عودتنا مساءا لنفس الشارع للخروج من المدينة،وجدنا إشارة اتجاه ممنوع،فعرفنا بأن أبناء شطايبي لا يلتزمون بقانون المرور في هذا الشارع الذي يصعد في مرتفع لمخرج المدينة، وضعت في شوارع المدينة في ظل عدم وجود لافتات توجه الغرباء عنها،فوجدت نفسي في مدخل الميناء تارة وفي مرتفع ينتهي بطريق مقطوعة تارة أخرى فلجأت لأهل المدينة لتوجيهي.
في شاطئ المدينة مركز
يجد الزائر للبلدية طريقا ضيقة جدا، خاصة أصحاب السيارات الكبيرة أو النفعية الذين يجدون صعوبة كبيرة في المرور بمنطقة تعبرها سيارة واحدة فقط. وهنا نستغرب عن بقاء الوضع على حاله وكيف توجد طريق ضيقة في منطقة سياحية وذات أماكن جميلة وساحرة تنافس مناطق عالمية تونس وإيطاليا وإسبانيا وغيرها من التي يتهافت عليها الملايين وتشكل السياحة مصدر هام للدخل الوطني بل تحدد كمؤشر ثابت لتطور الدول.
ولمن يريد الوصول السريع للشواطئ سيختار شاطئ شطايبي مركز، وهو يقع في قلب المدينة بعد التوجه يمينا في منحدر صغير، وبعد ركن السيارة في حظيرة الكورنيش بمبلغ100دج للسيارة السياحية و 150دج للسيارة النفعية و200 للحافلات. والتذكرة مكتوبة بالفرنسية ولا تشير للهيئة المكلفة بتسيير موقف السيارات فهل هي البلدية أم هو مستثمر فاز في مزايدة بلدية او ولائية او وطنية.
في شاطئ آخر في البلدية وجدنا التذكرة بالعربية ولا معلومات فيها عن الهيئة المسؤولة عن الحظيرة، وهذا شان وطني يحتاج لرؤية استثمارية استراتيجية لإيجاد مداخيل للبلديات في زمن شحت فيه الموارد المالية بسبب الازمة الاقتصادية التي تضرب مجمل دول المعمورة والجزائر واحدة منها.ثم يجد المصطاف بعض المدارج للنزول، وتبدأ متعة الأزرق الكبير مثلما نرصده في هذا الاستطلاع تحت الركن الذي دابنا عليه»اوراق سياحية» في موسم الاصطياف.
يشاهد المصطاف مركزا للدرك وآخر للحماية المدنية، و قد يعرض بعض الشباب خدماتهم الصيفية بتقديم الكراسي و الشمسيات، علما أننا لم نجد الأماكن محجوزة في الشاطئ، عكس بعض الشواطئ التي زرناها في ولايات أخرى، حيث يمكن للعائلات وضع شمسيتهم في أي مكان، بهذا الشاطئ القريب من ميناء البلدية. ويمكن كراء أغراض الاصطياف من عند بعض الشباب الذين يجلسون بمحاذاة حائط الكورنيش دون ضغط أو إزعاج للمصطافين.
الدرك الوطني العين الساهرة
بالقرب من الشاطئ هناك صخور صغيرة اتخذها الأطفال للقفز، ومعهم أطفالي الثلاثة(خالد،رائد، ساجد)، ورمال الشاطئ نظيفة، والأجواء ممتعة لوجود العائلات ومراقبة الدرك والحماية المدنية، وقد يتعرض المصطافون لبعض الجروح أو المضاعفات الصحية أو الغرق فيجدون الحماية المدنية في الخدمة فلهم الشكر والتقدير.
وهناك بعض الأطفال الذين يبيعون المأكولات التقليدية للمصطافين،مثل الفطائر(البيني)، ويتأمل المصطاف من بعيد مشاهد الجبال واللون الأخضر،كما يشاهد مساكن شطايبي الموجودة في مرتفع جبلي.
وتوجد في البلدية الكثير من الشقق التي يتم كرائها للزوار بأسعار تقدر ب5000دج وهي قابلة للتفاوض، ما توجد بقرب الكورنيش مطاعم ومحلات الأكلات الخفيفة والمثلجات، وفي داخل المدينة محلات لبيع السمك القادم من الساحل العنابي، وتحديدا سمك صيادي شطايبي.
كما أن مسجد البلدية على بعد خطوات من الشاطئ ويمكن تلبية نداء المؤذن بسرعة(بعد لبس هندام نظيف مثل قميص للصلاة ونزع الرمال بطيعة الحال) لأن المسجد على بعد أقل من 5 دقائق.
وقد لاحظنا الدرك الوطني يشرف على تسهيل حركة المركبات بالقرب من الكورنيش،رغم ان الوقت كان زوالا والأجواء حارة، فهم موجودون في الطرق البلدية و الولائية بعنابة، لتسهيل حركة المركبات ومتابعة الوضع الأمني وتحركات المجرمين والمشبهين خارج المدن وفي الشواطئ .هم هنا لمتابعة تنفيد مخطط دلفين الخاص بانجاح المشهد السياحي الصيفي.فلرجال الدرك الوطني كل التقدير والاحترام، وهم فعلا حلقة هامة في التنمية السياحية الوطنية، ويمنحون المسافرين و السياح الأمان في العطلة، فشكر مجددا للدرك الوطني بشطايبي وعبر طرق الرابطة بين سكيكدة و عنابة، وكل الطرق الجزائرية..
نحو شاطئ الرمال الذهبية
لمن يريد الابتعاد على المدينة عليه الاتجاه نحو شاطئ الرمال الذهبية،بعد الصعود في مرتفعات مدينة شطايبي والمرور بشوارعها، وبعد الخروج منها بحوالي 5 كيلومتر، في طريق ضيقة وفي مرتفع ثم في منخفض يلزم السواق بخفض السرعة، يمكن للمسافر أن يكتشف منطقة جبلية وبحرية ساحرة وأسطورية، فرغم أن المنطقة غابية كثيفة الأشجار فهي عذراء،و تنقصها المركبات السياحية المتوسطة و الكبيرة لاستقبال السياح، بدل المراقد التي يعرضها سكان المدينة…
بعد أيام بشاطئ مركز المدينة اختار أطفالي زيارة شاطئ الرمال الذهبية، مع ملاحظة أن الرياح قوية في هذا الشاطئ والأمواج مرتفعة، لأنه مفتوح على غابات المنطقة، فالأزرق أمامك أيها السائح والأخضر خلفك.
في الموقف الخاص بالسيارات عليك دفع150 للسيارة و200للحافلة. وهناك مساحات خصصها بعض الشباب كراء الشمسيات و الكراسي والطاولات، وعلى العائلات التي تحضر أغراضها معها الابتعاد عنها، و البحث عن أماكن أخرى بعيدة، ويمكن إيجادها بسهولة، كما توجد بعض الأكشاك للأكلات الخفيفة، ومقر للدرك وللحماية المدنية، وقد لاحظنا أن أعلب الحافلات قادمة من ولاية قالمة التي قيل لنا ان العائلات القالمية تفضل هذا المقصد لهدوئه ورونقه وجماله. ولان الشاطئ فيه الاحترام والأجواء العائلية، لأن المشرفين على حظيرة السيارات أعلمونا بأن هناك جزء مخصص للشباب وآخر للعائلات .
هل يشرب الحوت عصير البرتقال؟
لاحظت إثناء المرور أن بعض العائلات تضع قارورات المشروبات الغازية والعصائر في الرمال فيتماس مع مياه البحر لتبريدها، فسارع إبني خالد(13سنة) لغرس قارورة العصير البرتقال في الرمال، جربا عملية تبريدها تحت الرمال، لكن في وقت الغذاء اختفت القارورة ولم نجدها، وغارت داخل الأرض بسبب ارتفاع الأمواج، وقد تجذبها الأمواج للبحر، فماذا لو صادفها حوت كبير هل سيمزق القارورة البلاستيكية ويشرب العصير، وتخيلت خروج الحوت للشاطئ ليعبر عن استيائه من العقلية الجزائرية و رفضه السياحة على الطريقة الجزائرية، لكني نهضت من خيالاتي، وبدأت الغذاء وتصوروا منظر أكل السدنويتش بالماء بدل العصير؟
والشاطئ نظيف عموما، وهو عائلي بامتياز، وأغلب النساء يسبحنا بلباس محتشم مخصص للمحجبات للسباحة، وقد ظهر منذ سنوات قليلة فقطن ونتذكر رفضه من طرف السلطات الأمنية في فرنسا لأسباب أمنية؟ في ظل صمت جمعيات حقوق الإنسان في الغرب؟؟
كما يوجد بالقرب من موقف السيارات مرحاض عمومي ومرش، وهذا أمر إيجابي، لا نجده للأسف في كثير من الشواطئ الجزائرية، بخاصة تلك البعيدة عن المدن؟؟
أخيرا
عند نهاية هذه الزيارات المتوالية لشطايبي بعنابة، توصلنا إلى أن السلطات المحلية قدمت بعض الانجازات للسياحة، لكن الكثير من العمل ينتظرها وينتظر السلطات الولائية، لأن المنطقة عذراء، وهي جنة في الأرض ويمكن أن تتجاوز الكثير من المناطق في البحر المتوسط، لكن بمجهود كبير ورؤية سياحية استراتيجية.