طباعة هذه الصفحة

أوراق سائح

سكيكدة.. صور من الذّاكرة، الفن والسياحة

بقلم: وليد بوعديلة

عبق تاريخ وعراقة حضارة في الواجهة

تقع روسيكادا في أقصى الشرق الجزائري، يحتضنها البحر الأبيض المتوسط شمالا، وتحدها عنابة شرقا، قالمة، قسنطينة، ميلة جنوبا وجيجل غربا. وهذه رحلة في ملامحها التاريخية والثقافية والسياحية نرصدها في صيف سكيكدة 2018.

أوراق التّاريخ...

تعني كلمة روسيكادا بالفنيقية روس بمعنى راس وأكاد بمعنى المنارة، وقد شهدت المنطقة مرور الفينيقيين، النوميديين، الرومان، الوندال....ليستقر الفتح الاسلامي فيها . ويشهد الحضور العثماني ثم الاحتلال الفرنسي، حيث برزت بنضالاتها وقدّمت الكثير من الشّهداء والمجاهدين وأكبر محطة ثورية مرسّخة في الذاكرة الجماعية هجومات 20 أوت 1955.
عرفت سكيكدة نشاط الحركة الوطنية كنجم شمال إفريقيا، حزب الشعب، جمعية العلماء المسلمين، حركة انتصار الحريات الديمقراطية...وقد عذّب وقتّل المستعمر الفرنسي أهل المنطقة في أوت 1955، في الملاعب والشوارع والمقاهي ومارس تقتيلا جماعيا بملعب المدينة حاملا تسمية ملعب 20 أوت حتى لا ننسى.
من المعارك الكبرى التي شهدتها مناطق سككيدة نذكر معركة عين الكرمة، معركة بوغلام، معركة جبل القلعة ومعركة التوميات.
  ومن شهداء الولاية نذكر زيغود يوسف، بكوش لخضر، مسعود بوجريو، صالح بوالشعور، حمادي كرومة. ومن شخصياتها التاريخية نذكر المؤرخ محمد حربي، من مؤلفاته التي أغنت المكتبات «أرشيف الثورة الجزائرية»، «جبهة التحرير الوهم والحقيقة» المناضل عبد الله فيلالي، المجاهد إبراهيم شيبوط، المجاهد علي منجلي والقائد علي كافي.

   عن الفكر والبحث العلمي...

قدّمت سكيكدة الكثير من الأسماء الفكرية والعلمية في الماضي والحاضر مثل العلامة الأديب عبد الرحمان العايب (أطلق اسمه على مركز إسلامي ثقافي)،المفكر مالك شبل المختص في الدراسات الاسلامية، الناقد الأدبي الثقافي احمد شريبط، الدكتور والباحث الاجتماعي إسماعيل قيرة (العالم الزاهد)، الدكتور سليمان بودين (الباحث في علم النفس ورئيس تحرير مجلة الجامعة – مجلة البحوث والدراسات الانسانية)، الدكتور جمال بن زروق (باحث في الإعلام والاتصال).
ومن يريد أن يفهم كتابات الفكر محمد أركون عليه بالاطلاع على كتاب الدكتور مصطفى كيحل أستاذ بقسم الفلسفة بعنابة حوله، ومن يريد أن يقرأ التحليل السياسي وتأمل الأبعاد الحضارية للثورة تحيله سكيكدة على قراءة كتابات حميد لعدايسية.
 وفي سكيكدة كذلك أسماء علمية أخرى مثل الباحث في التاريخ رياض بودلاعة، الباحث السوسيولوجي رياض بن تومي، الباحث في الدراسات القرآنية والبلاغية عبود حميودة، الباحثان في اللسانيات رياض مسيس وعبد السلام جغدير.
ولا تنسى سكيكدة إسهامات الدكتور رابح دوب (جامعة الأمير عبد القادر) في اللغة والبلاغة والتاريخ، وكذلك الباحث في المسرح د / أحسن ثليلاني، الباحث في الأدب الجزائري د / السعيد بوسقطة، و مجهودات الأستاذ عبد العزيز بوحبيلة (مدير المكتبة الرئيسة للمطالعة العمومية) في التعريف بالكتابة والثقافة الجزائرية،الباحث في المسرح عبد الملك خلاف (جمعية مسرحية تخدم الشهد المسرحي الجزائري) ود / عبد القادر نطور (مختص في الدراسات الشعبية).
ومن رجال الولاية نجد الباحث في الأدب العربي المعاصر د / بوجمعة بوبعيود /محمد كعوان (له كتابات متميزة في الأدب والصوفية)، د / السعيد موات (الدراسات النفس-اجتماعية)، ود / منصور رحماني في الدراسات القانونية والشرعية...وغيرهم من الباحثين في جامعة سككيدة وفي مؤسسات ثقافية مختلفة، وفي جامعات جزائرية وأجنبية.
وقد شرف الدكتور يوسف وغليسي سكيكدة في مناسبات وطنية وعربية كثيرة، وتحصّل على جائزة الشيخ زايد للكتاب 2009، وهو المختص في الدراسات النقدية المعاصرة، وله فيها كتاب «الخطاب النقدي عند عبد الملك مرتاض»، وكتاب «في ظلال النصوص - تأملات نقدية في كتابات جزائرية كما يكتب الشعر». من دواوينه «تغريبة جغفر الطيار».

هنا روح الفن والإبداع

أدباء روسيكادا يتقنون فنون الحكي والسرد، ومنهم الروائي الأزهر عطية  صاحب الروايتين الرميم والمملكة، مصطفى نطور الذي له رواية «الثلج الآخر» ورواية «عام الحبل» حوّلها مسرح سكيكدة لمسرحية، القاصة عائشة بورشاق، الشاب الراحل عمار رماش وله رواية «درب الورد والألم».
 ومن شعراء روسيكادا نذكر أحسن دواس (شاعر عمودي مقتدر..تحصل على الرتبة الرابعة في مسابقة شاعر الرسول -صلى الله عليه وسلم - لقناة «الشروق»، أحسن خراط، خضير مغشوش، عاشور بوكلوة (ديوان الشفاعات)، آسيا بودخانة، زهرة خفيف التي أبدعت في مؤلفات تباريح الروح، مملكة بلقيس، في البدء كانت حواء، علي بوزوالغ (ديوان فيوضات المجاز)، ربيع السبتي (ديوان عيناك تأمرني)، محمد قاري وصفيان بوعنينبة...

عن جماليات المكان السكيكدي..

تتوفّر سكيكدة على شريط ساحلي طويل، يمتد من بلدية المرسى شرقا لبلدية خناق مايون غربا مرورا بشواطئ بلديات سكيكدة، تمالوس والقل و الشرايع وقنواع.
فنجد شاطئ العربي بن مهيدي - جان دارك (يا ناس.. جاندارك... هذا الشاطئ يسمى رسميا بالعربي بن مهيدي، لكن أهل سكيكدة يصرّون على تسمية جاندارك..فأيّها الاستعمار أخرج من لساننا وفكرنا كما خرجت من أرضنا؟؟). وشواطئ سطورة وقرباز والمصيف القلي، فمثلا في الشرايع شريط ساحلي قدره 14 كلم من راس لقبيبة نحو منارة راسب وقارون وبني عمروس، وفي القل شاطئ تلزة بطول ثلاثة كلم وفيه المخيمات الصيفية لمؤسسات وجمعيات.
 وهناك شاطئ عين الدولة (شاطئ الفتيات الصغيرات)، وتعتبر منطقة شواطئ تمنارت من المناطق التي تجذب السواح وتحتاج لعمليات تنموية سياحية كثيرة،ويمكن أن تكون منطقة توسع سياحي تضاهي الكثير من الفضاءات السياحية العالمية، وهناك شواطئ المرسى وقرباز في شرق الولاية، وهي مناطق عذراء لم تشهد الاستثمار السياحي بعد.
  وفي سككيدة الكثير من الجبال التي تمنح متعة السياحة الجبلية الشتوية في مناطق السبت وأولاد حبابة والقل، ومن السدود التي يمكن الاستفادة سياحيا منها نجد سد زيت العنبة وسد زردازة.
ويمكن لزائر مدينة سكيكدة التوجه بعائلته نحو ملعب الفروسية في الطريق إلى بلدية فلفلة، حيث توجد أماكن للجلوس والاستراحة، مع ألعاب للأطفال، وجمالية مشهد تدرب الأطفال والشباب في ركوب الخيل، مع وجود موقف للسيارات مجاني داخل الملعب وبـ 50 دج خارجه بطريقة فوضوية.
وتقترح سكيكدة على الزائر مدينة الألعاب المائية، خاصة بأحد الفنادق الخاصة مقابل كورنيش شاطئ العربي بن مهيدي، لكن السكان يشتكون من غلاء أسعار الدخول والأكل، لذلك تقصده العائلات المغتربة أو ميسورة الحال.
كما قد تصادف العائلات التي تزور الولاية معارض تجارية اقتصادية وترفيهية  تنظم في المدن الكبرى، مثل تمالوس، عزابة، الحروش، القل وكذلك في مدينة سكيكدة. وقرب ملعب بوثلجة أو ملعب 20 أوت هناك معرض تجاري مع بداية أوت 2018 بالقرب من مسبح المدينة التي تتوافد عليه العائلات من كل حدب وصوب لأخذ ما تحتاجه من سلع بلغت درجة من النوعية تسيل اللعاب.
أخيرا وليس آخرا
هذه بعض الملامح الثقافية والسياحية من سكيكدة عروس المتوسط، قدمناها في صفحة «صيفيات الشعب» مقتنعون أنّنا لم نتمكّن من تقديم كل الخصائص والمميزات، لكن من يزور هذه المنطقة الجزائرية سيكتشف الكثير من جماليات المكان، وعند الاقتراب من مؤسّساتها الفنية والثّقافية ستقترح عليه الكثير من الملامح الأدبية والشّعرية والمسرحية، لتضاف للملامح السياحية التي تجمع الجبال والبحر. وهي ميزة أخرى لجمال الجزائر وسحرها، الذي لا يفنى إلى يوم الدين.